طالب الإعانة متسولاً، والمتعطل ومن لا مأوى له متشرداً ومشبوهاً، ولا جزاء ولا صلاح لهؤلاء إلا السجن! وإعانة الحكومة - إن وجدت - فهي اختيارية، ويقتصر أكثرها على مكافحة الأمراض بإنشاء المستشفيات. فليس للفقير - في هذه الدولة أيضاً - أن يرغم الدولة على أن تبنى له مستشفى!
هذا. . . في حين أن (الزكاة) هي (تمليك مال معلوم لشخص معلوم) ذلك لأنها (تأمين) لا يصرف إلا للمؤمن له فحسب، أي للفقير. وقد قال أبو حنيفة:(لا يجوز أن تصرف الزكاة في بناء مسجد أو مدرسة أو في حج أو جهاد أو في إصلاح طرق أو سقاية أو قنطرة، أو نحو ذلك من تكفين ميت. . . الخ وكل ما ليس فيه تمليك لمستحق الزكاة). ذلك لأن التمليك ركن من أركانها. . .
فما أوسع الفرق إذن بين (الزكاة) وبين الضرائب الحالية في مصر!!
وبعد. . لقد سمعنا، أخيراً، رئيس الحكومة يتحدث عن (العدل الاجتماعي) ويقول: (إن مصر ملك مشاع لجميع المصريين) و (أن هناك حداً أدنى لمطالب الحياة يجب على المضطلعين بتبعات الحكم أن يوفروه للفقراء. . .)
وسمعنا من مدير الجمعية الزراعية - في الاجتماع الزراعي - أنه يعمل شخصيَّاً في مزارعه الخاصة على أساس من الإصلاح الاشتراكي مستلهماً في ذلك أحكام القرآن الكريم؛ كما سمعنا مدير التفتيش الزراعي يتساءل قائلاً:(لماذا لا نسن قانوناً يحمي العامل عند الضعف أو الشيخوخة، كما يحمي من يتركهم بعده من ذرية ضعاف. . . .؟!)
سمعنا هذا إلى جانب ما سمعناه من صيحات دعاة الإصلاح، ومنهم الدكتور الهراوي الذي اقترح لعلاج مشكلة الفقر في مصر فرض نظام التأمين الاجتماعي (!!) الذي فرض في أوروبا منذ سنة ١٨٨٠
هل معنى هذا الاتجاه الحديث أن النور بدأ يتسرب إلى قلوبنا وأن الإيمان سيصل حتماً إلى ضمائرنا. . . وإننا سنؤمن. . . قريباً بما آمن به الأوائل منا، والمحدثون في أوروبا وأمريكا، من أن الله قد فرض على الأغنياء في أموالهم قدر الذي يسع الفقراء. . . وأنه لن يجهد الفقراء إذا جاعوا وعروا إلا بما يصنع الأغنياء؟!!