أن تتقاضاها طوعاً أو كرهاً، حتى قال عنها الخليفة الأول (أبو بكر): (والله لو منعوني غفال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه)؛ وقد قاتلهم فعلاً. . .
وبهذا تمتاز عن التأمينات الاجتماعية الحديثة التي بقيت اختيارية في كثير من الدول فرنسا. . .!!
(هـ) وهي - أخيراً - تأمين ضد (الفقر والجوع): فهي لا تقتصر على نوع معين: كالإصابة، أو المرض، أو العجز، أو الشيخوخة؛ ولكنها تشمل هذا جميعاً، كما تشمل (البطالة) كسبب أساسي للفقر والجوع، بل وتمتد إلى الأخطار الطارئة، حتى تشمل من خانته الظروف، فأصبحت ثروته مثقلة بالديوان!!
ومن انقطعت به الطريق أثناء السفر فلم يجد ما يعينه على بلوغ الغاية أو الرجوع. . .
٩ - هذه هي (الزكاة): تأمين الإسلام ضد الفقر والجوع، وركن من أركانه الخمسة، فهل فكر فيها ولاة الأمور - في دولة دينها الرسمي هو الإسلام - كحل حاسم لما يعانيه الشعب الآن من عنت وضيق وحرمان؟ أو هل فكر فيها ولاة الأمور، لا على أنها زكاة، فليست العبرة بالأسماء، ولكن بالمسميات، بل على أنها قانون يجب أن يُفرض لصالح الفقير، كما فرض في بلاد العالم المتمدينة التي تعمل حكوماتها لصالح الشعب، لا لصالح طبقة المترفين؟!
نذكر أنه في أواخر شهر مارس من العام الماضي، وجه أحد النواب سؤالاً إلى رئيس الوزراء عن (إلزام الأغنياء بدفع زكاة أموالهم. . .)؛ فأجابه دولة سري باشا بأن:(الحكومة ترى أن نظام الضرائب المتبع في مصر لا يخرج عن أن يكون صورة من صور الزكاة. . .)!! وقد قابل النواب هذه السؤال بضجة، اختلط فيها الضحك بالاحتجاج!! (هكذا): الصفحة الأولى من (أهرام) أول أبريل سنة ١٩٤١
أما ضحك نواب الأمة على هذا السؤال فإنما يذكرنا بقول المتنبي:
وكم ذا بمصر من المضحكات ... ولكنه ضحك كالبكا
وأما نظام الضرائب المتبع فليس صورة من صور الزكاة في شيء. فهذه التي تجبى، لا حق للفقير فيها، ولكنه حق الدولة تتقاضاه لتصرف منه على شئونها. . . ولا يوجد لصالح الفقير، في مصر، قانون ينظم له إعانة أو يفرض له حقاً. . بل على العكس يعتبر القانون