للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفقراء، لا على سبيل الصدقة أو الإعانة، ولكن لأن الملكية الخاصة نوع من الامتياز تمنحه الهيئة الاجتماعية للأفراد بناء على فكرة المصلحة العامة. وعند (برناردشو) في كتابه (رأس المال) أن الذهب المودع في المصارف إنما هو قيمة معادلة لما زاد على حاجة الغنى من أرغفة الخبز وقطع الجبن واللحم، وعليه إعادة بعضها لأخيه الفقير ليستعين بها على القيام بالعمل المنتج.

٧ - هذه هي فكرة التأمين الاجتماعي وما بلغته من رقي، وتلك هي أحلام الفلاسفة والاقتصاديين عنها؛ فهل جحدها المشرع الإسلامي أو وقف منها موقف العاجز؟!. . .

الحق الذي لا مراء فيه أن المشرع عندما فرض الزكاة ركناً من أركان الإسلام الخمسة، منذ ألف وثلاثمائة وستين عاماً قد حقق بها أحلام هؤلاء الفلاسفة، وأوجد في حيز الإمكان والعمل ما عجزت عنه - حتى اليوم - أحدث الحكومات. بل إنه قد سما بالفكرة إلى درجة التقديس، وأنزلها منزل العقيدة والإيمان، وذكرها مقرونة بالصلاة في اثنتين وثمانين آية من القرآن، فجعل إعطاء الفقير والبائس والمحروم، ما يحتاجون إليه من غذاء وكساء ومأوى. . . عبادة لله. . .

٨ - ولا شك أن (الزكاة) تأمين اجتماعي عام إجباري ضد الفقر والجوع:

(١) فهي (تأمين): لأنها مبنية على فكرة دفع أقساط حولية، لضمان التعويض عن خطر متوقع، أو واقع هو الفقر.

(ب) وهي تأمين (اجتماعي): لأنها مبنية على فكرة التضامن بين أفراد الأمة، فيساهم الأغنياء - كل بحسب ثروته - في دفع أقساطها لصالح الفقراء

وقد حدد الشرع فيصلاً بين الغنى والفقر بأشياء خمسة: منزل للسكنى، وملابس عادية ضرورية، وغذاء يوم كامل؛ وقال البعض شهراً: ودابة للركوب، وسلاح للجهاد. . . فمن زاد ماله على هذه الخمسة فهو غني تجب عليه الزكاة فيما زاد، ومن نقص ماله عنها، فهو فقير تجب له الزكاة

(ج) وهي تأمين (عام): لأنها لم تفرض لصالح فئة معينة أو طبقة معينة، ولكنها فرضت لصالح كل شخص اضطرته الظروف فأحوجته، سواء أكان عاملاً أم غير عامل.

(د) وهي تأمين (إجباري): لأنها واجب محتم على الأغنياء لصالح الفقراء، وعلى الحكومة

<<  <  ج:
ص:  >  >>