المضمار، ففرضته بقانون ١٦ ديسمبر ١٩١١ بينما لم تأخذ به ألمانيا إلا عام ١٩٢٧. وقد قدر ما دفعته إنجلترا على هذا النوع من التأمين وحده في مدة عشر سنوات من ١٩٢٠ إلى ١٩٣٠ بمبلغ ٦٤٠ مليوناً من الجنَيهات.
والتأمين ضد (البطالة) هو أسمى ما وصلت إليه فكرة التأمينات الاجتماعية من الرقي؛ وتحمل مزاياه - التي يجنيها العامل والدولة معاً - على الاعتقاد بوجوب تعميمه بين كافة أفراد الأمة ممن هم في حاجة إليه. على أن هذا الاعتقاد لا يعدو - حتى الوقت لحاضر - طور الفكر والخيال عند الدول التي أخذت بهذا النوع من التأمين، فما زالت هذه الدول تقصره على بعض طوائف العمال في بعض الصناعات، ولم تجرؤ أكثر الحكومات مشايعة للعمال على تعميمه لأن الحكومات تراه عبئاً على الميزانية، وإثقالاً لكاهل دافعي الضرائب من الأغنياء. . .
٦ - دع ذلك. . . ففكرة تعميم هذا النظام التي تشغل الآن عقول الدول، كانت قد شغلت قبلهم منذ أقدم العصور، عقول الاقتصاديين والفلاسفة.
ففكر (أرسطو) في وجوب التعاون بين أفراد الشعب أغنياء وفقراء في نظريته: (النقود لا تلد النقود). وتكلم (سان توما داكان) على وجوب التعاون بين الطرفين على إيجاد معيشة هادئة، في نظريته (الثمن العادل) وأخرج (لا سال) نظريته عن (الأجر الحديدي) قاصداً بها هذا المعنى. وتعتبر أفكار (سيسموندي) أساساً لفكرة التأمين الاجتماعي عندما تكلم عن وجوب تدخل الدولة لحماية العمال من المرض والبطالة. كما يعتبر (لبلاي) صاحب مذهب الإصلاح الاجتماعي، لأنه فكر تفكيراً جدياً في وجوب بناء الجماعة على أساس من الأخلاق والدين، لا على المادة وحدها، وقال بأن وظيفة الدولة بالنسبة لأفرادها، ووظيفة رب العمل بالنسبة لعماله، يجب أن تكون هي وظيفة رئيس العائلة بالنسبة لأفراد أسرته. كذلك نادى (البرت دي من) بوجوب الاحتفاظ بكرامة الإنسان، فلا يصح اعتباره آلة يركن إليها وقت الحاجة فقط. وقال (ليون بورجوا) بوجوب التضامن بين أفراد الدولة بناء على نظريته (شبه العقد)؛ فالإنسان يولد مديناً للمجتمع بعمل الأجيال السابقة، ووفاء دينه لا يكون إلا بمساعدته بقية أفراد الأمة. وظهرت حديثاً نظرية (الفائض الاجتماعي) لـ (أفتاليون) وفيها يقول بوجوب تدخل الدولة لتفرض على الأغنياء القيام بالتضحية لصالح