بمقتضى نصوص القانون، دون أن يكون في هذا مساس بكرامته أو امتهان لآدميته، في حين أن الإعانة ليست إلا هبة لا حق له فيها؛ فهي صدقة تمنح أو تمنع بحسب رغبة المحسن، ولو كان هذا المحسن هو الدولة
٤ - لهذا. . . أخذت التشريعات الحديثة بفكرة التأمين الاجتماعي، وطبقتها على كثير من أخطار النشاط الاقتصادي. وكان أول هذه المخاطر عناية منها (مخاطر الحرفة)، فأوجبت نوعاً من التأمين يقوم بدفع أقساطه أرباب الأعمال والدولة لصالح العمال ضد (حوادث العمل)
ثم اتسعت فكرة التأمين الاجتماعي، وشملت نواحي أخرى كثيرة، فظهر تامين ضد (المرض) يعطي العامل الحق في نفقات العلاج وتعويضه عما يخسره مدة مرضه؛ وتأمين ضد (العجز) يعطيه الحق في التعويض عما يفقده من قوته أثناء العمل، وتأمين لمصلحة (الأرامل والأيتام) ضد وفاة عائلهم، وتأمين ضد (الشيخوخة) يعطي لمن بلغ سناً معينة إيراداً سنوياً
٥ - ولم تقف فكرة التأمين الاجتماعي عند هذا الحد، بل اتسعت غايتها واتجهت حديثاً نحو نوع هام من التأمين، هو التأمين ضد (البطالة) ذلك الخطر الاقتصادي الذي يلحق بالعامل فيحرمه عمله، مصدر قوته، وعماد حياته، رغماً عنه، وبدون خطأ منه. . . فليس من العدل ولا من المنطق أن يوجد نظام للتأمين ضد أخطار وقتية، كالإصابة والمرض، دون أن يفرض نظام للتأمين ضد هذا الخطر الفادح. وخاصة بعد ظهور النظريات الإدارية الحديثة التي جهرت بأن وظيفة الحكومات لم تعد قاصرة على الدفاع عن البلاد وضبط الأمن في داخلها، وإنما عليها - إلى جانب هذا - واجب هامٌّ هو:(الإسعاف الاجتماعي) لحماية الشعب من التفكك والانهيار. و (البطالة) من أهم عوامل الاضطراب الاجتماعي، لأنها تخلق في نفوس العمال وفي الأمة بأسرها روح عدم استقرار، كما أنها تعطل قوى الدولة المنتجة وتزيد فيها نسبة الجرائم
لهذا - وبرغم الاعتراضات الكثيرة التي ووجه بها هذا النوع الجديد من التأمين - اضطر بعض الدول - أخيراً - إلى الأخذ به حماية للعامل المتعطل من مفاسد الفقر والجوع، وحماية لكيانها من انتشار الأفكار المتطرفة الهدامة. وكانت إنجلترا أسبقها جميعاً في هذا