كان المرحوم السير توماس أرنولد المتوفى في التاسع من يونية سنة ١٩٣٠ - أستاذاً للغة العربية في جامعة لندن، وكان واسع الاطلاع في علوم الدين الإسلامي واللغة العربية، وأهم مؤلفاته كتاب:(الدعاية الإسلامية وهو بحث عظيم الخطر جليل القيمة في تاريخ انتشار الدين الإسلامي. طبع للمرة الأولى سنة ١٨٩٦، وأعيد طبعه سنة ١٩١٣؛ ثم طبع بعد وفاة المؤلف طبعة ثالثة سنة ١٩٣٥ كتب مقدمتها المستشرق العلامة (رينولد نيكلسون). وأهم ما يلفت النظر في هذا الكتاب هدوء البحث، وسلامة التفكير، وعدم التحيز. ولا غرو فقد كان مؤلفه من أكثر المستشرقين اعتدالاً وأصدقهم نظراً وأكثرهم تجرداً من النزعات التعصبية، وهذا جعل لكتاباته في الموضوعات الإسلامية أهمية خاصة، ونحن نكتفي بهذا التعريف القصير لنقدم لقراء (الرسالة) ترجمة الفصل الأول من هذا الكتاب القيم، وهذا الفصل يعتبر مقدمة لما تناوله المؤلف بالبحث في بقية فصول الكتاب، وسنوافي الرسالة بترجمة الفصول الأخرى تباعاً، كما أننا سنعد دراسات أخرى لمآخذنا على بعض آراء المؤلف
(ع. س)
برح الخفاء منذ ألقى الأستاذ ماكس مولر محاضرته بكنيسة وستمنستر يوم الشفاعة للجماعات التبشيرية في ديسمبر سنة ١٨٧٣. وأسفر الموقف عن أن الديانات الست العالمية العظيمة يمكن تقسيمها إلى تبشيرية وغير تبشيرية. فالنوع الثاني تنضوي تحت لوائه اليهودية والبراهمية والزرادشتية. ويضم النوع الأول البوذية والمسيحية والإسلام. ولقد حدَّد الأستاذ في وضوح ما اصطلح على تسميتها (ديانة تبشيرية) فقال: إن معناها أن يكون نشرها وإدخال الكفار فيها قد سما إلى مرتبة الواجب القدسي في نظر منشئ الديانة أو خلفائه الأولين. . . إنها روح اليقين في نفوس المؤمنين لا يقر قرارها حتى تنبعث فكرةً