للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[نصيب السودان في ثقافتنا المدرسية]

للأستاذ أحمد أبو بكر إبراهيم

لا أود أن أعتب في هذه الكلمة على الماضي؛ فقد انقضى بخيره وشره، ولكني أنبه إلى حاضر يختلف في طبيعته واتجاهاته، وأشير إلى مستقبل قريب يتطلب منا العمل الحاسم السريع. أما الحاضر الذي اختلف، فمرد اختلافه إلى أننا قد نظرنا الآن إلى السودان نظرة جد وحزم، أوضحت أمامنا المسالك، بعد أن التوت علينا أزمانا. وأما المستقبل القريب ففيه الأمانة التي ارتهنت بها مصر لشباب الوادي جميعا، وهي تهدف من ورائها أن يرتبط الشعبان، وان يلتقيا معا على الفهم الواضح الصحيح، والمعرفة الوثيقة؛ ليعيشا معا في ظل الخاء والوئام. ولا احسبنا واصلين إلى ما نبتغي، إلا إذا سعينا إلى هذا المستقبل على علم صحيح بما في الجنوب من معالم وأحداث، وثقافة وعادات؛ ولهذا فقد رأيت عند أوبتي من السودان في ديسيمبر الماضي أن أذكر وزارة المعارف بهذه الحقيقة؛ لتأخذ الأهبة، وتتحفز للعمل، فبعثت إليها بتقرير، أوضحت فيه ما يجب أن تعمل حيال الاتجاه الجديد؛ ولكني عدت فخشيت أن تطوي الوزارة هذا التقرير فلا تفيد منه، فيظل شباب الوادي في حيرة لا تنتهي، ونظل كذلك بعيدين عن واقع الحياة الحاضرة وبوادر الحياة المستقبلة؛ فرأيت أن أنشر على صفحات الرسالة الغراء بعضا من هذا التقرير؛ لأنه - على ما اعتقد - ضرورة يجب الأخذ بها في سرعة واهتمام:

أولا:

لا يزال الطلبة في مدارسنا المصرية يجهلون الضروري من أحوال السودان؛ فهم لا يعرفون من تاريخه إلا القليل، ولا يدركون عن طبيعته وتياراته السياسية، وحياته الاجتماعية إلا صورا ضئيلة باهتة لا تغني ولا تفيد

هذا هو منهج الجغرافيا، لا يلقي على السودان ضوءا واضحا، يبصر التلاميذ بما فيها، وإنما هو إيجاز مخل، لا يكاد الزمن يمضي عليه، حتى يذهب من الأذهان، لضآلة أثره وقلة غنائه، لا يتناول من أحداث السودان إلا القليل مما يأتي عرضا، على حين يعني المنهج بدراسة الحوادث في بعض الممالك الأجنبية دراسة تفصيلية. وهذه هي النصوص إليها لا تلم في أية مرحلة من مراحلها بأبيات لشاعر سوداني، وفي هذا ما فيه من غمط

<<  <  ج:
ص:  >  >>