نرسم لهم خط المستقبل حتى نضمن رغبتهم في سكني البيت أو التحول إلى غيرة.
وليس يخفى عن أحد هذا الفارق الشاسع بين الدراسة الثانوية والدراسة الجامعية عند الشعور بالضعف الشديد في اللغة الفرنسية وهي من الزم ما يلزم الطالب في الآداب والحقوق والتجارة مع الاستغناء عنها تماما في العلوم والطب والزراعة.
ولغة الفرنسية - حقا وصدقا - مكانتها الرفيعة في الثقافة العامة، دليل ذلك أثرها الواضح في نفوس المثقفين، ولكن هذا التشتت الذي نضحي الناشئ بسببه هو حائر بين الإنجليزية والفرنسية أدى إلى نتيجة لازمة حاتمة وهي ضياع الوقت سدى في دراستهما معا، وعدم جدوى هذه الدراسة عليه في مستقبل ثقافته وتكوين شخصيته. وما ذلك إلا لأنه ليس للتعليم سياسة واضحة الأهداف، مرسومة الوسائل، مصطلح على وضعها، وهذا ما سبق لنا القول فيه في مقال (سياسة التعليم)
أما وقد مضينا بخطوات سريعة نحو الوعي القومي، أرى الاقتصار على لغة أوربية واحدة يترك حق اختيارها للمدرسة وولى أمر التلميذ، وسيترتب على ذلك أولا إتقان هذه اللغة والاستزادة من آدابها وفنونها وعلومها في أقرب وقت ممكن، ولن يجدي ذلك إلا إذا سرحت الوزارة هذا الجيش العرمرم من غير الفنيين، وإلا إذا رجعت إلى أصول التربية في التدريس والامتحانات، وعندئذ فقط يكتمل شعور المواطن الناشئ بكرامته القومية والفكرية، ويتحقق لديه أمل التزود من ثقافة الغرب. حتى إذا طلب المزيد، فالوسائل الخاصة لا تعوزه ولا تعجزه.