من تجارب ميلكان - رسالته الشائقة يطالعها في الطبيعة -
رقصة الإلكترونات وحركاتها الثابتة - مليكان كشامبليون في
تعرفه على اللغة الهيروغليفة - رقصة أخرى للجسيمات
بكشف عن مغزاها جان بيران
لا بد أن يكون قد أستشعر القارئ عظم المعنى الذي أدته هذه الرسالة، رسالة الجسيمات التي علقت بها الإلكترونات، ولا بد من أن يكون قد فطن إلى مبلغ الدقة الذي يُظهر جلال هذه التجارب الرائعة لمليكان التي ذكرناها في مقالاتنا السابقة، وهي التي حصل فيها على إلكترون حر واحد محمول على جسيم دقيق يتحرك في غرفة صغيرة، وما على القارئ إلا أن يستدرك في ذهنه أمراً سبق أن ذكرناه ليتأمل مقدار ضآلة الإلكترون الذي هو أصغر ما نعرفه من الوحدات المادية والكهربائية فيذكر أن ذرة الهيدروجين التي هي واحد على ألف مليون المليون من الجرام تكبر الإلكترون بحوالي ألفي مرة، وللقارئ بعد ذلك أن يتخيل مقدار صغر الإلكترون الذي يصعب استيعاب مبلغ ضآلته، ويذكر أن هذا الإلكترون بذاته هو الذي فصله مليكان وتحقق من وجوده حراً على هذا الجسيم طوراً يعلق به وتارة ينفصل عنه، ولا يسع القارئ مع دهشته إلا تصديق الحوادث بعد البراهين التي أدلينا بها والتي يثبت منها أنه كان يعلق بالجسيم إما قدر محدود واحدا أو قدران أو ما يزيد من الأقدار الصحيحة، ولكن لا يمكن أن يعلق به قدر ونصف القدر أو قدر وثلثان. كسور هذا القدر وأجزاء هذا الإلكترون غير موجودة، وهي حالة تشبه بالضبط تلك التي ذكرناها من قبل عن بعض المحال التجارية في باريس ولندره التي لا تبيع الأشياء إلا بأقدار معلومة هي ضعف أو أضعاف قدر أولى معين، فهي لا تبيع مثلاً إلا بخمسة فرنكات أو