[جواب عن سؤال]
للأستاذ أحمد أمين
وجه الأستاذ علي الطنطاوي في العدد الماضي إلينا وإلى أدباء الرسالة سؤالا ملخصه: أنعمل وغايتنا الأدب للأدب؛ أم نعمل وغايتنا الأدب للحياة؟ ثم سأل لماذا ينصرف أدباؤنا عن الأدب القومي الذي يعالج (القضية الكبرى) إلى ذلك الأدب الغزلي الضعيف؟ وقد أجبنا أجمالا في ذلك العدد عن بعض هذا السؤال، وتفضل صديقنا الأستاذ أحمد أمين فأجاب تفصيلا عن البعض الآخر (المحرر)
لك الحق (كل الحق) يا أخي أن تصرخ ونصرخ معك في وجه زعماء
الأدب العربي طالبين أن يلتفتوا إلى الأدب القومي ويكثروا القول فيه،
فالعالم العربي كله يجيش صدره بآلام وآمال، والأدب يجب أن يعبر
عن هذه الآلام والآمال، بأسلوبه الرشيق، وعواطفه القوية، وخياله
الرائع؛ وإذ ذاك يجد الناس غذاءهم فيما يقرأون، ولذتهم ومتعتهم فيما
يسمعون وينشدون، والناس في كل عصر يتطلبون من الأديب أن يكون
موسيقاهم التي تناسب عاطفتهم، فأن كانوا فرحين مرحين كانت
الموسيقى فرحة مرحة، وان كانوا باكين محزونين كانت الموسيقى
حزينة باكية، ومن السماجة أن توقع الموسيقى نغمة فرحة في مأتم، أو
نغمة باكية في عرس، وقد كان الناس يقصدون إلى الشعراء يشرحون
إليهم عواطفهم ويطلبون منهم شعرا يناسبها ويرويها.
كان بيت بشار في البصرة مقصدا لهذا النوع من الناس، يذهب إليه الغزِل الذي تجيش في صدره عاطفة الحب ولا يستطيع أن يعبر عنها ليجد بشار من فنه ما يعبر عما في نفسه، وتذهب إليه النائحات لينشدهن شعرا يستنزف الدمع ويبعث الشجا والشجن
وكل عصر له مطالبه وكل أمة لها مواقفها وعواطفها، ولا خير في الأدب إذا لم يصف الحياة، ويغذ العواطف، ويجد الناس في كل موقف يقفونه قولا أدبيا قوياً يشرحه، وشعرا