قد يعجب قراء الرسالة الكرام في كافة الأقطار الناطقة بالضاد من حبي وإعجابي بشعر خالد الذكر أمير الشعراء شوقي بك. والسبب في ذلك بسيط جدا، وهو أنني أعد شوقي القمة الشامخة في الأدب العربي، تلك القمة التي لا يدانيها أحد قط منذ أن جدد بشار حتى الآن إلا حبيب بن أوس الطائي الملقب بأبي تمام، أستاذ الشعراء في عصره، والذي أعد أثقف شعراء زمانه، فحبيب عندي من الشعراء القلائل الذين قلما تجود العربية بهم. وهو يختلف عن أبن الرومي وأحمد بن الحسين بسعة أفقه وخصب خياله وعمق ثقافته.
ومن تصفح ديوانه وقرأ شعره قراءة دراسة واستقصاء علم ما أذهب إليه. ولا أريد في هذه العجالة أن أحلل شعره، أو أشير إلى مواطن الإبداع في قصائده أو أختار له من نفائسه شيا، وإنما هي عجالة ألجأتاني إليها كلمة جاءت عرضا، لذلك لم أشأ أن أمر على شعر أبي تمام دون أن أشير إلى أياته التي أبدع فيها، وخصوصا بائيته الخالدة ومطلعها:
السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب
ورائيته:
الحق أبلج والسيوف عوار ... فحذار من أسد العرين حذار
ونونيته التي تعد في مصاف الرائية:
بذ الجلاد البذ فهو دفين ... ما إن به إلا الوحوش قطين
ومنها هذا البيت الخالد:
قد كان عذرةمغرب فافتضها ... بالسيف فحل المشرق الأفشين
ومنها هذه الأبيات:
فأعادها تعوى الثعالب وسطها ... ولقد ترى بالأمس وهي عرين
جادت عليها من جماجم أهلها ... ديم أمارتها طلى وشؤون
كانت من الدم قبل ذلك مفاوزا ... غيرا فأمست منه وهي معين
وغيرها من القصائد التي يحفل بها الديوان. هذه كلمة مناسبة قلتها وأود أن أتوسع بها في وقت آخر، وخاصة عند تعرضي لدراسة الدكتور محمد مهدي البصير عن هذا الشاعر؛