قلت أنني لا أحب اللجاجة فكيف إذا انقلبت مزيجاً من المهاترة والمغالطة. وها هو الأستاذ سيد قطب يعود إلى (مزاجي) الخاص فيدعي أن آثر شخصية لدي من شخصيات القصص التي حللتها في سلسلة (النماذج البشرية) بالثقافة، هي شخصية (فيلستيه) للكاتب الفرنسي (فلوبير)، وذلك لما بها من (حنية) كما يقول
ولكنني لم أوثر شخصية على أخرى إلا أن يريد الأستاذ قطب حملي على ذلك الإيثار. و (فلستيه) بعد ليست النموذج الوحيد الذي تحدثت عنه، فثمة (فاوست) يمثل الإقبال على الحياة والنهم إلى المعرفة عن سبيل المغامرات؛ و (دون كيشوت) الساخر من الحياة، المجالد للشر رغم إيمانه ببطلان جهاده. و (هملت) العقل النافذ نفاذاً يشل الإرادة. و (جوليان سوريل) الثائر على مواضعات الحياة الاجتماعية. و (الست) الناقم على البشر انحلال أخلاقهم. و (فيجارد) المنتقم من الحياة بالسخرية. و (إبراهيم الكاتب) الذي تعلق بالحياة حتى مجها و (جفروش) الطفل الباسم عن جسارة قلب وغيرهم ممن لا صلة لهم (بالحنية) والمزاج الخاص
لقد حللت هذه النماذج مظهراً ما فيها وهي عندي سواء، فلا محل إذن لمغالطة الأستاذ قطب وإصراره على زعمه أني لا أوثر إلا لوناً واحداً من الإحساس
ويأبى الأستاذ قطب إلا أن يضيف إلى المغالطة المهاترة بحيث لا أرى بداً من أن تكون هذه الكلمة آخر حديث لي في هذا الموضوع:
يرى الأستاذ قطب أن نوع الإحساس الذي أوثره في زعمه خاص بالنساء وبذوي الأمزجة الخاصة. وأنا لا يرهبني أن يكون إحساسي على هذا النحو، ويعصمني من تلك الرهبة جهل نفضته عن نفسي وبربرية لا يزال يسدر فيها الفطريون من الناس
لقد سمع الأستاذ قطب أستاذه العقاد يكتب مقالات يثبت فيها أن المرأة غير رجل، وأن بينهما اختلافاً سحيقاً في الطبيعة؛ وسمع الغفل من الرجال يزدرون المرأة ويعتبرونها مسبة أن يشبه الرجل المرأة في شيء، فلم ير سبيلاً للمهاترة خيراً من أن يرد إحساسي إلى