هذه (كلمات) كنت أكتبها في مجلة أسبوعية أدبية منذ سنوات ست. ثم داومت على كتابتها في جريدة (البلاغ) وفي صفحتها الأدبية والثقافية بعد ذلك بضعاً من السنين.
وهذه (الكلمات) القصيرة التي أرجو أن يشرفني قراء (الرسالة) بقراءتها كل أسبوع لن تجاوز أن تكون نقداً لبيت قديم أو جديد من الشعر، أو إعجاباً ببيت كذلك أو أبيات من الشعر جديد أو قديم، أو نقداً لرأي أو فكرة أو عرَضٍ من أعراض حياتنا الثقافية أو الأدبية، إلى مثل هذه الشؤون الاجتماعية والأدبية التي هي وحي (الرسالة) ورسالتها لمصر والشرق.
كتب صديقنا الدكتور زكي مبارك يعلّق في الرسالة على كلمة الأستاذ محمد عبد الغني حسن بشأن (استهانة الجمهور بقواعد اللغة العربية) على حد تعبير الدكتور مبارك. وكان الموضوع الذي أثار الأستاذ عبد الغني فكتب ما كتب، هو إعلان في صحيفة وجد فيه طائفة من الأغلاط الشائنة.
وإذا كان الأستاذ محمد عبد الغني يثور ويغضب لأغلاط وجدها في كتابة إعلان تجاري حرّره عامل في متجر لم يقرأ سيبويه ولم يعرف ألفية ابن مالك ولا ألفية ابن معطى، وإذا كان الدكتور مبارك يثور ويغضب لأنه وجد صديقاً له من رجال وزارة المعارف يحاضر ويلحن، فإن هذا وذاك - إذا قيس بغيره - ليس مما يغضب ولا مما يثير.
ليستمع صديقنا الدكتور مبارك إلى كثير مما يذاع في الراديو المصري من المحاضرات والأحاديث، فأنه يجد كثيرين من المحدثين وكثيرين من المحاضرين يحرصون الحرص كله على أن يكون نطقهم حين ينطقون الأسماء والأعلام الإفرنجية صحيحاً سليماً، ولا يعنيهم ولا يسوؤهم أن يكون نطقهم للعربي من الأسماء والأعلام عليلاً سقيما. فهم حين ينطقون اسم (بيتان) يحرصون على أن يضموا شفاههم على حرف الباء منه ضماً قوياً ثم يفرجون عنها مسرعة قوية كما يفعل الفرنسيون الأصيلون حين ينطقون به.
وهم حريصون على أن يدغموا في أنوفهم حرف النون في نهايته حتى لا يبين إلا غنة قصيرة مثلاً شبه ضعيفة كما يفعل الأصيلون من الفرنسيين.