هذا كتاب كان مخطوطاً فنشره لأول مرة في المطبعة العربية الأستاذ فؤاد جميعان، وذلك فضل يجب أن نسجله للناشر الذي رأى أثراً من الآثار الإسلامية مجهولاً عند المسلمين اليوم فآثر أن يعرضه على قراء العربية في طبعة أنيقة وذوق في الإخراج مع التعليق في بعض المواطن التي تحتاج إلى تعليق.
والحق أننا محتاجون إلى إحياء التراث العربي وكشف النقاب عن ذخائره، فإن كثيراً من هذه الآثار لا يزال مطموراً في ظلمات لم يكتب لها إلى اليوم أن ترى النور. كما حدثني بذلك الأستاذ الدكتور محمد سامي الدهان الذي رأى بعينيه كثيراً من مخطوطات برلين العربية مدفوناً في دير من الأديرة الكاثوليكية في ألمانيا بعد أن صارت العاصمة الألمانية غرضاً للقنابل الإنجليزية
لذلك فرحت أشد الفرح حينما رأيت كتاب (ميزان الحكمة) للخازن يظهر إلى دنيا المطبوعات بعد أن كان في دنيا المخطوطات؛ فإن كل مخطوط عربي يقدم إلى المطبعة اليوم فإنما هو يد يسديها ناشره إلى الأمة العربية وإلى تاريخها الطويل الذي أسهمت به في بناء الحضارة مدة من الزمان.
وينبغي أن لا تخرجنا العجلة في طبع المخطوطات ونشرها عن القواعد الصحيحة للنشر والتحقيق، وأن لا تعجلنا الفرحة بالإخراج عن الأناة في التحقيق والتحري له وحسن الضبط فيه؛ فإن من الخير أن يظل المخطوط مخطوطاً على أن يخرج إلى الناس على غير الوجه الذي أراده مؤلفه. وإن من الأمانة لتراث الأسلاف أن يظهر كما كان لا كما نتوهم نحن أن يكون.
ولا أعني بذلك أن أنقص من عمل الأستاذ فؤاد جميعان أو أن أهون من أمر إخراجه لكتاب