للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الشادوف]

بقلم محمود حسن إسماعيل

دَعْ نايَكَ الشَّادي بلا تَعْزيفِ ... طرِبَ الخيالُ لأنَّة الشادوفِ

عُرْيانُ جَرَّدَه الضحَى مِن سِتْرِهِ ... فغدا يضِجُّ بدمْعِه المذْروف

لم يُرضهِ ثَوْبُ السَّنا سِدْلاً له ... يخْتالُ في بَهجَ ولَمْحِ شُغوف

فبكى ونكّس رأسه مُتَذَلِّلاً ... متحسَّراً كالعاشق الملْهوف

فإذا تقاعس خِلْتَهُ في صَمْتِهِ ... جُثْمانَ مصلوبٍ بغَيْر كُفًوف

بَترَتْ سواعده الليالي، وانبرتْ ... تُبْليه في سخَطٍ وفي تعْنيف

وإذا جَثا ألفَيْتَهُ متعِّبداً ... طهُرَتْ سرائُرهُ من التّزييف

سجَداتُهُ في النّبْع قُبْلَةُ والهٍ ... طبِعَتْ على سَلْساله المرشوف

صَدْيان قدَّم للوُرود شرابَهُ ... وأّعارَ أدْمُعَهُ لقلب الرِّيف

فيظلُّ يَظمأ عارياً، والزَّهْر في ... رِيٍّ، ونبْتُ الحقل في تفويف

ثاوٍ على الجُبًّ العَميق كأنّهُ ... أَعمى على جُرُفٍ هنالكَ موفي!

جبارُ أفزعه الرَّدى فتقَلْصَتْ ... أضلاعُه من صَرْعَة التخويف

فتخالُه في الوهْم جُثّةّ مارِدٍ ... ضجِرَتْ لهوْلٍ في القبور مخيف

فأعارتْ الأكفان ثوْرةَ حانِقٍ ... بَرِمتْ بِحَتفٍ فالتقتْ بحتُوف

يا صامتاً والريحُ تَخْفُقُ حَوْلَه ... والنّبتُ يطربُه بسجْع حَفيف

وتصايحُ الغِرْبان يُنْذرُ مَرْجَه ... بحَصيدِ سافَيةٍ، وجَدْب خَريف

وربابةُ الّراعي تُهدْهِدُ عِنْده ... قلْباً يَهيم بلَحنِها المعْزوف

سَكْرَى من الأنْغام أسكَرَ شَدْوُها ... آذان ثاغِيَةٍ وسمْع خَروف؛

هلاّ شَجَتْكَ نُفاثةٌ من بائِسٍ ... لهفانَ في كنَف الأَسى ملْفوف

روّى الزُّروعَ بصَّيبٍ من دَمْعِهِ ... وثوَى بقلب في الظلام لهيف!

محمود حسن إسماعيل

<<  <  ج:
ص:  >  >>