أستأذنكم والأستاذ دريني خشبة قول كلمة وضيعة في نقد (رسائل التعليقات للرصافي) للأستاذ دريني خشبة في العددين الأخيرين من المجلة
كان موضوع النقد (وحدة الوجود)، وليس في المقالين تعريف (لوحدة الوجود) ولا اقتباس هذا التعريف عن كتاب الرصافي (إن كان الرصافي قد عرفها)
فعبارة (وحدة الوجود) من غير تعريف مبهمة ولا أعلم كم قارئ من قراء الرسالة فهموا المراد منها. وفيما كنت أقرأ المقال الثالث للأستاذ دريني خشبة كنت أؤمل أن أفهم المراد منها فيما سرده من نظريات فلاسفة اليونان من طاليس إلى أروسطو إلى أفلاطون إلى غيرهم؛ فإذا بوحدة الوجود ازدادت غموضاً بل غابت وراء سحب تلك الفلسفات السفسافية التي يعجز القارئ عن أن يحصل منها معنى معقولاً. وهو معلوم الآن أن نظريات الفلاسفة القدماء في الوجود لا تذكر إلا في تاريخ الفلسفة لكي يعلم المتأخرون ماذا كان تفكير المتقدمين فيها. لأن تلك النظريات سلاسل سخافات كنشوء الكون من (الرطوبة)؟ أو من العدد أو من البخار إلى غير ذلك مما لا تهضمه العقول السليمة
واختلاف الفلاسفة القدماء في شأن الوجود دليل قاطع على أنهم تخبطوا فيه على غير هدى. ولو أصابوا كبد الحقيقة لالتقوا كلهم في مركز الحقيقة وهو واحد، كما أن العلماء العصريين كلما اهتدوا إلى حقيقة علمية التقوا كلهم عندها من غير خلاف كالتقائهم جميعاً عند الجوهر الفرد في الكيمياء وعند كروية الأرض في الجغرافيا وعند (تمركز) الشمس في وسط أفلاك السيارات في الفلك، وعند جميع القوانين الطبيعية المحققة
فإذا كان المراد بوحدة الوجود أن الكون كله من ذرات وأجسام وأجرام نشأ من هيولي واحدة، فهو ما أثبته العلم الحديث ولا يد للفلاسفة القدماء فيه. فقد ثبت للعلم العملي الاختباري التجريبي أن جميع الأجسام والأجرام الأرضية والسماوية مؤلفة من عناصر كيمية متماثلة، وأن العناصر مؤلفة من كهارب (ذريرات متماثلة. وإنما تختلف العناصر بعضها عن بعض بعدد ذريراتها وترتيبها وحركاتها فيها. فالهيولي (أصل المادة) هي