للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

أسطورة الديك الذهبي

لألكسندر بوشكين

كان يجلس على عرش مملكة قوية، لن أذكر اسمها، قيصر اسمه دادون، لا شبه له في الرجال. ولما كان دادون شجاع القلب، فإنه لم يترك واحدا من جيرانه دون أن يشن عليه الحرب. أما وقد كبر الآن فقد رأى أن يتيح لجسمه الهرم شيئا من الدعة والاطمئنان. غير أن الأعداء انتهزوا الفرصة، فهاجموا المملكة من دون رحمة، ونهبوا الديار، وطحنوا جيش دادون طحنا. أما جنوب المملكة فقد كان محصنا، والشرق هو الجهة التي كان يأتي منها العدو.

وفي ذات يوم نزلت بالشواطئ كتببة عاصفة، فاضطرب القيصر أيما اضطراب، وهجر النوم جفنه. خيل إليه أن حياته لم تكن في يوم ما أمر منها الأن، فلم ير إلا أن يطلب العون من منجم الدولة، ذلك الخصي الشيخ الممتلئ حكمة ومعرفة. . لبى الخصي النداء، وجاء البلاط يحمل في حقيبته ديكا ذهبيا، وقال: (ليأمر مولاي بنصيب هذا الديك على عمود من الخشب، فيحرس المملكة. فإنه إذا لم يكن ثمت خطر ظل هادئا مطمئنا، فإذا لاح الخطر في الأفق انتفض من سكونه، وانتفخ عرفه الأحمر، وصاح صيحة تنبه القوم، وأشار إلى الجهة التي يأتي منها العدو).

فرح القيصر لهذا الحل السعيد، وقال: (سأعطيك في مقابل هذا ما تريد. ستكون رغبتك رغبة القيصر أين شئت ومتى أردت).

وجثم الديك في مكانه يسهر على المملكة، بينما أوى القيصر الهرم إلى فراشه ينعم بالنوم الهنيء، ولا يلقي بالا إلى حوادث الزمن. ولم يعد الخطر يدهم الناس، ولم تعد فخاخ تهدد القيصر العجوز. . دادون!. . .

فلما مر عامان كاملان، إذا بأصوات تزلزل الأفق وتطرد النوم الهنيء عن عيون الناس. وأقبل قائد الجيش صائحا: قيصري وسيدي، انهض فالمملكة في حاجة إلى ابنيك الباسلين! تأوه القيصر ثم قال: ما الخبر؟ فأجاب قائد الجيش: الديك صاح. . والناس في رعب شديد. وتلفت القيصر حواليه، وأرهف السمع، فإذا صيحات من المشرق، وإذا الديك قائم منتفض

<<  <  ج:
ص:  >  >>