للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

رجعة إلى المذاهب الصوفية

اطلع القراء الكرام على فتوى (الإمام الطرطوشي) (في المذاهب الصوفية) وغيها يقول: مذهب الصوفية بطالة وجهالة. . . ثم كان أن عززنا هذه الفتوى بنشر رأي أئمة الفقه في هذه المذاهب. وفي الحق أن فتوى الطرطوشي وفي رأي أئمة الفقه الدليل القاطع على بطلان تلك الطرائق القدد التي أفسدت على الناس عقائدهم، ومكنت للوثنية من نفوسهم، حتى إذا ما جئت لتردهم إلى دين الفطرة من توحيد الالوهية والربونية لو وراء منهم واستغشوا ثيابهم ثم قالوا: أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آبائنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض؟

وإن في هذه الطوائف من يعرف الحق ولكنه ينكره عناداً وحرصاً على ما ينعم من مال وجاه، كدأب الذين من قبلهم:

وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوا. وهؤلاء الرؤساء (المسلكون) الذين اتخذوا الانتساب إلى تلك الطرق حرفة لأكل أموال الناس بالباطل. أما عدا هؤلاء من الطالبين أو المريدين، فإن للشيخ (المسلك) سلطة خاصة حتى قالوا يجب أن يكون المزيد مع الشيخ كالميت بين يدي الفاسل، حتى لو أمره بمعصية لكان عليه أن يعتقد أنها لحيره وأن فعلها متعين عليه. فكان من قواعدهم التسليم المحض، والطاعة العمياء. وقالوا أن الوصول إلى العرفان المطلق لا يكون الا بهذا.

ومن ثم زادوا أمراً آدا في الدين هو أظهر من كل ما عداه قبحاً وهدماً للدين (وهو زعمهم أن الشريعة شيء والحقيقة شيء آخر، فإذا اقترف أحدهم ذنباً فأنكر عليه منكر قالوا في المجرم أنه من أهل الحقيقة فلا اعتراض عليه، وفي المنكر أنه أهل الشريعة فلا التفات اليه. كأنهم يرون أن الله تعالى أنزل للناس دينين، وأنه يحاسبهم بوجهين، ويعاملهم معاملتين - حاش لله ولدينه - نعم جاء في كلام بعض الصوفية ذكر الحقيقة مع الشريعة، ومرادهم به أن في كلام الله ورسوله ما يعلو إفهام العامة بما يشير إليه من دقائق الحكم والمعارف التي لا يعرفها الا الراسخون في العلم فحسب العامة من هذا الوقوف عند ظاهره، ومن آتاه الله بسطة في العلم ففهم منه شيئاً أعلى مما تصل إليه إفهام العامة فذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>