للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من مذكرات بلنت]

صفحات مجهولة من حياة الأمام محمد عبده

(مقتطفات من يوميات نشرها في إنجلترا أخيراً ورثة مستر ويلفريد بلنت، صديق مصر ومحامي زعماء الثورة العرابية، عن حوادث جرت في مصر والشرق العربي بين سنة ١٨٨٨ وسنة ١٩١٤).

(وقد خص صديقه الحميم الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية بالشيء الكثير من هذه المذكرات، ودون فيها ما كان يدور بينما من الأحاديث والمناقشات حول السياسة والعلم والدين)

(وهذه المذكرات تلقي الضوء ساطعاً على جانب من أفكار الشيخ محمد عبده وحياته الخاصة وعلاقته بالخديو وصداقته للفيلسوف هربت سبنسر).

مارس سنة١٨٩١:

حضر عندي صباحاً الأستاذ المفتي محمد عبده، وجلس معي ساعتين تقريباً، تحدثنا فيهما شتى الأحاديث. وكان قد بعث إلى بالنسخة التي أهديت إليه من كتاب بتلر: (فتح العرب لمصر) فشرحت له محتويات الكتاب لأنه لا يعرف اللغة الإنجليزية. ثم تناقشنا في المسألة الخاصة بنظرية المؤلف من أن المقوقس هو (سيرس) بَطْريق الإسكندرية. فذكر الشيخ عبده أن هذه النظرية خطأ. وعنده أن (المقوقس) قبطي، وأنه حاكم منفيس، وأن جماعة القبط في ذلك الوقت رحبوا بالفاتحين العرب ليخلصوهم من ظلم الرومان. وإلا فكيف أتيح للقبط أن ينالوا من عمرو بن العاص ما نالوه من امتيازات وعهود طيبة وحكم ذاتي تمتعوا به عصوراً متتالية؟ وفي رأيه أن الحروب الصليبية، وبالأخص هجوم الصليبيين على مصر هو الذي القبط موضع الاضطهاد بسبب انهم أنهم أعلنوا هواهم في جانب الصليبين.

ودار الحديث على ما يجري الآن من الأمور السياسية في الآستانة، فذكر الشيخ عبده أن الخديو عباس حلمي على علاقات سيئة مع السلطان، وأنه قوبل في الآستانة هذا الصيف مقابلة فاترة، وأن السلطان عبد الحميد امتنع أولاً عن مقابلته إلى أن أخذوا عليه تعهداً بالا يفاتحه في مشكلة جزيرة طشيوز. والمسألة هي أن الجزيرة ملك للخديو بالميراث، ولكنها من أملاك الدولة العلية. وأن الخديو لما فرض على سكانها الضرائب بعثوا بشكايتهم إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>