١ - بعد أيام قليلة يفتتح معهد التمثيل المصري فتتحقق إحدى أمانينا التي لم نيأس من الدعوة لها والكتابة فيها، صادرين في ذلك كله عن إيمان لا يتزعزع بأن التمثيل هو ركن من أقوى الأركان في ثقافة أمة تفهم معنى الثقافة الحقة، وتدرك روح العصر الجديد، فيجب أن تتخذ وسائل هذا العصر الجديد
بعد أيام قليلة تأخذ مصر الحديثة في تعليم عدد متواضع من أبنائها أصول هذا الفن الرفيع ليأخذوا على عواتقهم حين يتخرجون تلك المهمة الخالدة. . . مهمة خلق المسرح المصري بكل دعائمه. . . من ممثلين ومخرجين ومؤلفين وناقدين، ومن إلى الممثلين والمخرجين والمؤلفين والناقدين من مهندسين ومصورين وإداريين وعمال وصانعي ملابس وعلماء أزياء، وكل من يستطيع أن يضع مشكوراً لبنة في صرح هذا المسرح الذي نريده مسرحاً مستنيراً لا يعرف الشعبذة ويأنف أن يتخذ التهريج وسيلة إلى قلوب الجماهير، مسرحاً يسمو بجمهوره ولا يهوى بنهضتنا إلى حضيض الهمجية. . . نريد أن يكون لنا مسرح يخدم سمعتنا ويسوى خلقنا ويجدد أدبنا ويهدي الشباب المصري إلى أرفع المثل، فيجافي بينهم وبين تلك الرخاوة التي توشك أن تسمم رجولتهم، ويسلك بهم إلى الفضيلة والفكر الحر تلك السبل التي سلكها شباب أوربا في عصر إليزابث ولويس الرابع عشر. . . ونحن حين نريد هذا نشكر الله الذي هيأ للمسرح المصري هؤلاء الرجال الثلاثة الذين يجاهدون من أجله لأنهم يفهمون وسائله وأغراضه على وجهها الصحيح. . . فأولهم وكيل وزارة عظيم لا يمنعه مركزه الكبير من أن يتزعم حركة الإصلاح المسرحي في مصر، بل هو يرى في تزعمه هذه الحركة ما يزيد مركزه الكبير رفعة لأنها جهاد شريف في سبيل حركة شريفة لخدمة البلاد وخدمة الفكر واللغة والأدب، فهو لا يرى بأساً في أن يحاضر الناس عن طريق الراديو في تاريخ المسرح المصري، وضرورة خلق الدرامة المصرية وجعلها هدفاً من أهداف الأدب المصري. وهو يشجع الفرق المصرية التي تعمل لرفعة الفن فيلخص للناس رواياتها ويزكي مؤلفي هذه الروايات ويظهرهم على عبقرياتنا المسرحية الجديرة بالعطف. . . وثانيهم مراقب للفنون الجميلة قد أشرب قلبه محبة هذه