للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

صوروا وطولوا. وشتان ما حرفان أحدهما يريح البصر وآخر يرهقه، فسم الحرف اللاتيني بالحرف المتعب تنصفه. ولقد بالغ إخواننا الترك في الإساءة إلى أنفسهم باستبدالهم الذي هو أدنى بالذي هو خير وتفضيل الشمال على اليمين. وفي مقالتي (الحرف العربي والإفرنجي) في الرسالة الغراء قد نعيت عليهم ضلالهم هذا، وبينت في تلك المقالة ما بينت. وإني لموقن اليوم أن القوم سيستيقظون من سنتهم بعد سنين، وسيندمون وسيرجعون إلى حروف لسانهم عاملين بالقول الحكيم: (الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل). وفي الأتراك - يا أخا العرب - عقلاء حكماء مخلصون، فلا تيئس من عودتهم

وأما مقترح تصوير العربية بالحروف اللاتينية الذي أشارت إليه مجلة (المستمع العربي) فهو كمقترح استعمال تيك العامية - ولكل إقليم عربي عامية بل بلية - والاقتراحان هما من بنات ليل المرء في وقت المرض. والأمم العربية قد أجمعت على أن تكون في هذه الدنيا في الكائنين لا أن تبيد مع البائدين. وإن وعوعة الباطل متلاشية، ودعوة الحق هي الباقية. وكتاب الدهر كتاب العربية يقول:

(. . . فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. . .)

ما أشقى أولئك الإنكليز المساكين بحروف تهجيهم! إنهم إذا قصدوا التلفظ بالحرف الذي يحاكى (الذال) أو (الزاي) عندنا اضطروا أن يجلبوا حرفين وهما والحرف وإذا أرادوا أن ينطقوا بالحرف الذي يشاكل (الشين) في العربية جلبوا كذلك حرفين وقس على ما ذكر ما لم يذكر. إن بلايا الإنكليز في حرف لغتهم لكثيرة مساكين!

أيها الإنكليز، اتركوا الحروف اللاتينية أو اللاطينية - كما يقول الأقدمون وابن خلدون - وخذوا الحروف العربية كما فعلت الأسبان في وقت من الأوقات. إنهم (خطوا لسانهم الأسباني بالحرف العربي) وما كانوا مخطئين. ولولا سلطان الدين أو الكنيسة، لولا القسيسون والرهبان ما انفكوا يكتبون به حتى يوم الناس هذا

(ن)

<<  <  ج:
ص:  >  >>