للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حل العقد بقطعها]

بعض مواقف الفصل - فقر العالم إلى العباقرة

الناس مفتقرون في كل حين من الدهر إلى رجال يحلون العقد لا بالنفث فيها كما يصنع أهل السحر والشعبذة، بل بقطعها توفيرا للوقت وكفاية لمؤونة التعب وبرهانا على العبقرية - كما صنع ذو القرنين منذ اثنين وعشرين قرنا. وكما صنع المتنبي منذ عشرة قرون. . وكما صنع لورد كرومر في أواخر القرن الماضي. وكما صنع مصطفى كمال في رواية الأمريكي التائه.

ذلك بان جمهرة الخلق قوالون وبياعو كلام اكثر منهم فعالين سواء في ذلك منهم خاصتهم وعامتهم. فإذا عرضت لهم عقدة مهما يكن موضوعها اشتغلوا بالحرف وعتقه، وعد واعن الروح وجدته. والغالب ان يشكل عليهم فهم الحرف فيروحون يتخبطون فيه وفي تاويله حتى يقوم فيهم من يضرب بالحرف عرض الحائط وينبذ اللفظ ويشرب في قلبه حب الروح ويفقه المعنى فيحل العقدة بأسرع مما عقدت.

ذو القرنين

أما ما صنع إسكندر المقدوني الكبير تلميذ أرسطو طاليس الفيلسوف العظيم في أوائل القرن الثالث قبل المسيح فهو انه زار أحد هياكل آلهة اليونان فرأى عقدة معقودة ومحبوكة، فسأل عنها فقال له الكهنة والمتنبئون والسحرة والنفاثات في العقد: إن من يحل هذه العقدة يفتح آسيا، فجرب فلم يفلح، ولكن أومض في صدره قبس العبقرية التي استمدها من معلمه فلم يلبث أن استل سيفه وحل العقدة بقطعها وترك الذين حوله مصعوقين، وفتح أمامه السبيل إلى فتح آسيا.

المتنبي

وأما المتنبي فحكاية ما صنع مبنية على بيت قاله من قصيدة هي من عيون قصائده. فقد اكثر في زمانه من التبرم بالناظمين الذين سماهم متشاعرين وقال انهم غروا بذمة، ويحذرهم على ذلك الذم لانه داء عضال لهم (ومن ذا يحمل الداء العضالا). وانهم كثيروا الادعاء، إذا برزوا له في نزال عجزوا عن ان يأتوا بشيء، وجاء هو بكل شيء، ولذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>