مرة أخرى نعود. . ولا مناص من هذه العودة لأنها استجابة لرغبة القراء. نعود لنكشف عن حقيقة (التشويه العلمي) التي أحدثته عبقرية الفيلسوف الأول في (الإشارات الإلهية). . ومعذرة من هذا التعبير الذي ينسب التشويه إلى العلم أو يجعل العلم منسوباً إليه، لأن العلم هنا بدلالته الخاصة مقصور على الدكتور عبد الرحمن بدوي!
وقبل أن نكشف عن حقيقة هذا (التشويه العلمي) نود أن نقف قليلاً لنقول كلمة أو كلمتين. . ترى هل قرأ الدكتور بدوي كتاب (كليلة ودمنة)؟ أننا نشك كثيراً في أنه قد قرأ هذا الكتاب، ومبعث هذا الشك أن في الكتاب فلسفة صادقة، كان من الممكن أن ينتفع بها فيلسوف مصر الأول. . لو أنه ألتقطها من لسان بيدبا الفيلسوف! ولسنا نريد من الدكتور بدوي إلا أن يرجع إلى هذا الكتاب ليخرج بشيء من الفلسفة الشرقية، شيء بسيط لا يدق على فهمه كما دقة عليه أصول الفلسفة الغربية. . قال ديشليم الملك لبيدبا الفيلسوف: اضرب لي مثل الرجل يرى الرأي لغيره ولا يراه لنفسه. وجمع بيدبا الفيلسوف أطراف فلسفته، وقص على الملك قصة مالك الحزين. . ورحم الله بيدبا الفيلسوف، فلو كان يعيش بيننا في هذه الأيام مع دبشليم الملك، لاستبدل بقصة مالك الحزين قصة عبد الرحمن بدوي!
إننا لا نعني قصته في (الإشارات الإلهية) فإن لها حديثاً غير الحديث، ولكن الذي نعنيه هو قصته الأخرى التي قادنا إليها كتاب الآخر:(أرسطو عند العرب)، وهو مجموعة نصوص نشرها وحققها بطريقته المعروفة. وافتح الصفحة الرابعة والستين من هذا الكتاب، وترفق برئتيك إن كنت من أصحاب الصدور الضعيفة، قبل أن تطلقها ضحكة عريضة تملأ الفضاء العريض!
قال الدكتور عبد الرحمان بدوي وهو يتحدث عن منهجه في نشر المخطوطات، في شيء من الفخر وشيء من السخرية، الفخر (بعلمه) والسخرية من (جهل) غيره، قال لا فض فوه وهو بعيد علينا قصة مالك الحزين ويذكرنا بمثل بيدبا الفيلسوف: (والمنهج الذي نتبعه في النشر منهج بسيط، وبقد ما هو بسيط هو خصب دقيق معاً: وهو أن نجيد قراءة المخطوط