[عود على بدء]
الفردوس المفقود
للأستاذ عبد الرحمن صدقي
(أصدر الشاعر منذ شهر وبعض شهر ديوانه الذي أسماه (من وحي المرأة) لأنه - كما قال الأستاذ العقاد - لم يكن إلا وحيا فاض فيه حزنه على زوجته الفقيدة، فخرج في جملته منظوما كأنه لا يحتاج إلى نظم، وجاء فيه بقصائد ومقطوعات ستبقى في عداد الشعر الخالد، سواء منه ما نظم في هذا الموضوع أو غير هذا الموضوع. ويبلغ الديوان نحو ألف بيت. وقد جاءتنا من الشاعر القصيدة التالية - ولم يسبق نشرها - وهي في الموضوع نفسه، يذكر فيها كعهده شريكة حياته ورفيقة دراساته).
بحِّبيَ وحدي كان قلُبك يهتف ... ولي كان منكِ الناظرُ المتشوِّف
وبي دون أهل اْلأرض أُنسُك كلُّه ... كأن رحابَ الأرض دونيَ صفصف
فخورٌ على الدنيا بأنك زوجتي ... وما أنا قارونٌ ولا أنا يوسف
تصّباك مني ما يخِّيب ذا الهوى ... وَيزْوِي قلوبَ الغانيات ويصدف
تصّباك أني ذو حديث وأنه ... علومٌ وفنٌّ لا مجونٌ وزخِرف
وأنك قد طالعتِ أسفار مكتبي ... إذا ليَ فيها حيث وقَّفتِ موقفِ
نظرتِ إشاراتي هناك وهاهنا ... تحدّث عن أغوار نفسي وتكشف
لدى كلّ تعقيبٍ وكلّ إشارة ... تصافح روحانا فكان التعرف
وعهدي للأنثى مدارٌ، وللفتى ... مدارٌ، ولولا النسلُ ما كان مَألف
فلو فرحنا أن قد تعانق عالمي ... وعالمها، فالشمل نَظْمٌ مؤلف
ويا فرحتنا أُطلقتُ من سجن وحدتي ... فروحي مع الروح الأليف ترفرف
تحلق في الآفاق طوراً، وتارة ... نسِفُّ إلى روض الغرام فنقطف
تضاعفُ بالكتب الحياة، فحظنا ... من الحسّ والتفكير حظٌّ مضَّعف
وتَعرض للعقل الفنونَ فتنجلي ... وندرس بالقلب العلومَ فتلطف
نمارس هذا العيشَ، بالقلب والحجى ... معاً، مثلما طابت على المزج قرقف
حبيبان بين الكتب عشٌّ غرامنا ... نديمان في حضن الهوى تتفلسف