للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البَريُد الأدَبيَ

لا أزال عند رأيي في (أشياء)!

قبل معاودة البحث في هذا الموضوع أرى لزاماً أن أحمد الأستاذ الفاضل أحمد العجمي جنوحه بالمناقشة إلى الهدوء والأناة وهما أساس أدب البحث، وطريق الوصول إلى الحقيقة.

ثم أرجع فأكرر أنني لا أزعم أن كلمة (أشياء) وردت مصروفة في التنزيل أو في غيره من الكلام؛ ولكني أعتقد أن علة عدم صرفها في التنزيل - في سورة المائدة - ترجع إلى خصوصية سامية مما ألتزمه القرآن الكريم؛ وهي في هذه المسألة الترفع عن شائبة التنافر بتكرار مقعطع واحد حتما وهو (إن) في الآية الكريمة؛ وإذا كان الشعر خلوا من ورودها مصروفة فالشعر محل التساهل؛ يتحكم الوزن فيه فيصرف ما لا ينصرف، ويمنع صرف ما ينصرف؛ إلى غير ذلك مما لا يخفى على الأدباء؛ أما ورودها ممنوعة في النثر فهو إتباع للوضع الذي وجدت عليه في القرآن الكريم، ومسايرة للقدامى من أئمة النحاة الذين ذهبوا في التماس علة المنع مذاهب شتى، أقربها إلى حسن الذوق وأدناها إلى الحق رأي (الكسائي) الذي نقله الأستاذ الفاضل محمد غنيم، وهو مشابهتها للاسم المختوم بألف التأنيث المحدودة؛ وقد التمست فيما هداني إليه البحث علة فنية سائغة لمنعها من الصرف الآية الكريمة، وهذه العلة تجعل الحكم مرتبطاً بجو الكلمة في الآية، فتعود إلى حقها الطبيعي في الصرف إذا خرجت عن هذا الجو، والعلة - كما يقولون - تدور مع المعلول وجوداً وعدماً؛ وإذا كنت في هذا مخالفاً للإجماع فما هو بإجماع على حكم شرعي ولا أصل معلوم بالضرورة من أصول الدين.

والقول بجواز الوصل بين جزأي آيتي (يسّ) و (الملك) لا يمنع جواز الفصل بينهما؛ فهو رد احتمالي لا يركن إليه في المحاَّجة؛ والقول بتساوي الحرف اللين الصامت الهادئ في كلمة (شئ) والحرف الصاعد الممدود في كلمة (أشياء) مما لا تقره أذن شاعر موسيقي الإحساس كالأستاذ أحمد العجمي؛ فانتقال حركة التنفس من الأول إلى مقطع مكرر وهو (إن) أسهل من انتقالها بعد صعود كبير في ألف (أشياء) إلى ذلك المقطع المكرر حتماً في آية (المائدة).

<<  <  ج:
ص:  >  >>