جلس سكان فلسطين مساء يوم الأربعاء الواقع في ٧ يوليو، أمام الراديو منتظرين سماع تقرير اللجنة الملكية. وكان السكون مخيما في معظم البيوت وفي المقاهي والأندية. وما كاد المذيع يفرغ من قراءة خلاصة التقرير واستنتاجات الحكومة المنتدبة حتى انتاب أهل البلاد ذهول دام بضعة أيام من شدة الصدمة. . وأراد فخامة المندوب السامي أن يتلطف بهم وبحالهم ويهون عليهم المصاب بدعوته أهل البلاد إلى إنعام النظر والتروي في إبداء الرأي، وأن يحكموا العقل على العاطفة في تقرير الحكم على مشروع اللجنة الملكية
اتبعنا هذه النصيحة وقرأنا بإمعان خلاصة التقرير، ثم أخذنا في قراءة التقرير نفسه. فما كان أشد دهشتنا عندما رأينا اللجنة الملكية تخالف في تقريرها جميع تقارير اللجان البريطانية، والخبراء الإنكليز، وكتب حكومة لندن البيضاء، ورأي عصبة الأمم، فيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية، حتى أنها تخالف أيضاً صك الانتداب نفسه
تقول جميع هذه المستندات بأن التزامات الحكومة المنتدبة نحو العرب واليهود متساوية، فقالت لجنة اللورد بيل خلاف ذلك، وأوصت حكومة جلالة الملك بتنفيذ التزاماتها نحو اليهود أولا ثم النظر في التزاماتها نحو العرب. أي أنها توصي بإنشاء الوطن القومي اليهودي، ثم بالنظر في المحافظة على حقوق العرب!.
وصرحت حكومة جلالته وعصبة الأمم مراراً بأن ليس الغاية من تصريح بلفور إيجاد دولة يهودية في فلسطين، فقال اللورد بيل في تقرير لجنته بأن المراد من تصريح بلفور وصك الانتداب إيجاد دولة يهودية في الأراضي المقدسة عندما يصبحون أكثرية فيها
وينص صك الانتداب صراحة بأن واجب الحكومة ترقية الحكم الذاتي في فلسطين، فقالت اللجنة الملكية بأن إنشاء مجلس تشريعي مخالف لصك الانتداب!. .
ولم تكتف اللجنة الملكية بهذا، بل تهكمت في تقريرها بالعرب وزعمائهم، ولم تر فيهم إلا مثالب، ولم تر في اليهود وأعمالهم إلا محامد؛ وجمعت في تقريرها جميع الآراء والأقوال اليهودية التي تزعم أن ليس للعرب حق في فلسطين، وأن الأراضي المقدسة حق لبني إسرائيل! فكان تقريرها هذا مجموعة أضاليل يهودية. حتى أنه لو قيل للدكتور وايزمن،