أذاعت محطة الإذاعة موضوعاً عن (بشارة بن برد) أعد على النسق الذي تسميه (برامج خاصة) والذي يقوم على الرواية والتمثيل. . .
وكانت المحطة قد أعلنت عن هذا الموضوع على أنه فاتحة برامج من نوعه تصور رجال الأدب والشعر الماضين، ولابد أنها أرادت بذلك أن تجدَّ في عهدها الجديد، وتقدم للمستمعين من محبي الأدب مادة نافعة تستعين على جذبهم إليها بحسب العرض في هذا النسق التمثيلي الإذاعي؛ وهي رغبة محمودة، ولكن هل تحقق المرجو منها؟
بدأ (الرواية) يحدث عن نسب بشار، واستمر يسرد بعض أخباره وقام الممثلون والممثلات في أثناء ذلك بتمثيل كل حال تنبئ عنها تلك الأخبار التي اختارها واضع البرنامج من أخبار بشار المنتثرة في كتب الأدب. . .
وهذا الذي اختير وتألف منه الموضوع لم يكوَّن لبشار الشاعر هيكلا حياً، ولم يعط صورة صادقة لحياته وشعره، بل كان أهم ما قام عليه البرنامج أن بشاراً نشأ صبياً يقول الشعر في شتم الناس فيضربه أبوه بالعصا، وكبر وهو يهاجي الشعراء، ثم يهجو الخليفة ووزيره، مما أدى إلى اتهامه بالزندقة وضربه بالسوط حتى يموت. ويلخص (الرواية) حياة بشارة بقوله في آخر البرنامج: وهكذا قضى حياته بين العصا والسوط!
وقد تعودنا أن نسمع اللحن أي الخطأ في نطق الكلمات العربية من إذاعتنا. . . ولكن كنت أتوقع أن يتجنبوا هذا ويتحروا الضبط ويلتزموا صحة النطق في مثل هذا الموضوع الأدبي العربية البحت، ولكنهم لم يفعلوا. . ولو تجاوزنا عن لحن الرواية وغيره فلا يصح التجاوز في ذلك يعوضها لبشار نقصه، فلا يليق به أن يلحن وألا يحسن ضبط شعره، فقد آذى أسماعنا الذي مثله أو مثل به - بقوله في صوت مجلجل:
(ويحك) بضم الحاء. . . وكررها في مواقف مختلفة متعددة ولما أنشد هذه الأبيات:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن ... برأي نصيح أو نصيحة حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة ... فإن الخوافي قوة للقوادم
وما خير كف أمسك الغل أختها ... وما خير سيف لم يؤيد بقائم