الكلدان من الشعوب السامية القديمة، وقد قامت لهم دول بالعراق، وكان لهم فيه حضارة تضارع الحضارة المصرية في القدم. ولكنها سارت في طريق معوج أضعف من شأنها، وجعلها أقل نتاجاً من غيرها من الحضارات القديمة؛ وقد نشأ هذا من أنهم كانوا يتجهون بعقولهم نحو الكواكب والنجوم، فاتخذوها آلهة يعبدونها، ويهتمون بمعرفة ما يتصل بها، حتى جرهم هذا إلى الاشتغال بعلم الفلك، وإلى أن يجعلوا جل اهتمامهم في حضاراتهم بهذا العلم، وبكل ما يتصل بها، حتى جرهم هذا إلى الاشتغال بعلم الفلك، وإلى أن يجعلوا جل اهتمامهم في حضاراتهم بهذا العلم، وبكل ما يتصل به من العلوم كالسحر والتنجيم، ولاشك أن مثل هذه العلوم لا تصلح أساساً لحضارة تنفع الناس في دنياه، وتهيئ لهم فيها أسباب الهناءة والسعادة، فلم يُعْنَ الكلدان بالعلوم التي تنظر إلى الأرض كما عنُوا بالعلوم التي تنظر إلى السماء، ولم يهتموا بالزراعة والصناعة والتجارة كما اهتم بها إخوانهم الفينيقيون في الشام، مع أن هذه الأمور هي الأسس التي يقوم عليها بنيان الحضارة، وترفل بها الشعوب في حلل الرفاهية، ولهذا ذهبت الحضارة الكلدانية ولم تترك وراءها إلا شهرة بابل عاصمتها بالسحر، وهي شهرة لا ترفع من شأنها، ولا تجعل لها منزلة عالية بين الحضارات القديمة
وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك الاعوجاج في الحضارة الكلدانية في الآية (١٠٢) من سورة البقرة: (واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان، وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا، يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت، وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر، فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله، ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق، ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون)