[رسالة الشعر]
موكب الوداع
(بمناسبة مرور العام الأول على وفاة فقيد الأدب والشباب
الشاعر (الهمشري))
للأستاذ علي محمود طه المهندس
هذا الرحيقُ فأين كأس الشاعر؟ ... قد أَوحش الأحبابَ لَيلُ السامر!
لمَ يا حياةُ وقد أحَّلك قلبَه ... لمْ تؤثريه هوى المحبِّ الشاكر؟
أخليتِ منه يديكِ حينُ حلاهما ... من ذلك الأدب الرفيع الباهر
لو عاش زادكِ من غرائب فنِّه ... ما لا يُشبَّهُ حسنُه بنظائر
وظفرتِ من تمثيلهِ وغنائه ... بأدقِّ مثَّالٍ وأرخم طائر
أملٌ محا المقدارُ طيفَ خياله ... وتخطفته يدُ الزمان الجائر
وأصار فرحتَنا بمُقبِل يومه ... مأساةَ ميْتٍ في الشباب الباكر
متوسِّداً شوكَ الطريق، مُلثمّا ... بجراحه، مثل الشهيد الطاهر
رُدُّوا المراثيَ يا رفاقَ شبابِه ... لن تُطفئوا بالدمع لوعةَ ذاكر
هذا فتًى نظم الشبابَ وصاغه ... وحياً تحدّر من أرقِّ مشاعر
جعل الثلاثين القِصارَ مدًى له ... والخلدَ غايةَ عمره المتقاصر!
غنُّوهُ بالشعر الذي صدحتْ به ... أشواقه لحنَ الحبيب الزائر
غنُّوهُ بالشعر الذي خفقت به ... أنفاسه لحنَ الحبيب الهاجر
تلك القوافي الشارداتُ حشاشة ... ذابتْ على وَتَر المغنِّي الساحر
فتسمَّعوا أصداءها في موكب ... للموت محتشدِ الفواجع زاخر
مشتْ الطبيعةُ فيه بين جداولٍ ... خرسٍ، وأدواحٍ هناك حواسر
ولو استطاعت نضَّدتْ أوراقَها ... كفناً له، والنعشَ غضَّ أزاهر
ودَعتْ سواجع طيرها فتألفت ... أمماً تخفُّ إلى وداع الشاعر!
يا ابن الخيال تساءلت عنك الذُّرى ... والشهبُ بين خوافقٍ وزواهر