للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب]

للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

ج٧ص٢٣٦: حدث السمعاني عن أحمد بن سعد العجلي قال: كان السلطان نازلاً على باب همذان فرأيت الأديب الأبيوردي راجعاً من عندهم، فقلت له: من أين؟ فأنشأ يقول ارتجالاً:

ركبت ِطرفي فأذرى دمعة أسفا ... عند انصرافيَ منهم مضمر الياس

وقال: حتام تؤذيني فإن سنحت ... جوانح لك فاركبني إلى الناس

وجاء في الشرح: سنحت جوانح: جرى فألك باليمن.

قلت: (سنحت سوانح لك) أي خطرت على بالك خواطر أو خطرات. في التاج: سنح الرأي والشعر لي: عرض لي أو تيسر. وفي الصحاح: سنح لي رأى في كذا أي عرض.

وقد يراد بالسوانح جمع السانح، وهو ما كانت العرب في القديم تتيمن به. ومن أمثالهم: (من لي بالسانح بعد البارح) والسانح ما أتاك عن يمينك من ظبي أو طائر أو غير ذلك، والبارح ما أتاك من ذلك عن يسارك، ومنهم من يتشاءم بالسانح ويتيمن بالبارح. . .

لم أجد هذين البيتين ومقاطيع كثيرة في (الإرشاد) وفي (الوفيات) في ديوان الأبيوردي المطبوع في بيروت سنة ١٣١٧. ولهذا الشاعر الأموي ميمية خالدة ألهمه الله إياها في (الحروب الصليبية) لم تسعد بها تلك الطبعة. ولم يذكر منها في (الإرشاد والوفيات) شيء. وقد ذكرها العلامة النويري في (نهاية الأرب) قال: (قال أبو المظفر الأبيوردي لما استولى الفرنج على البيت المقدس في سنة (٤٩٢) قصيدة منها) وروى اثنين وعشرين بيتا. يقول الأموي في هذه الخالدة المخلدة:

فأيها بني الإسلام، إن وراءكم ... وقائع يلحقن الذرى بالمناسم

أتهويمة في ظل أمن وغبطة ... وعيش كنوار الخميلة ناعم

وإخوانكم بالشام يضحى مقيلهم ... ظهور المذاكي أو بطون القشاعم

يسومهم الروم الهوان وأنتم ... تجرون ذيل الخفض فعل المسالم

وتلك حروب من يغبْ عن غمارها ... ليسلم يقرعْ بعدها سن نادم

أرى أمتي لا يشرعون إلى العدى ... رماحهم والدين واهي الدعائم

أترضى صناديد الأعاريب بالأذى ... وتغضي على ذل كماه الأعاجم

<<  <  ج:
ص:  >  >>