للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

قصة شرقية من كاتلين رودس

زبيدة

للأستاذ دريني خشبة

من دأب الزائرات في بعض الممالك الإسلامية أن يلبسن كَوْثاً أحمر يخلعنه لدى باب حجرة الزائرين ليراه الرجال فلا يدخلوها ما دمن فيها. وهذه قصة الزوج المسكين صادق علي، الذي رأى الكوث الأحمر فلم يستطع أن يلج باب الحجرة ليلقى زوجه بعد سفر طويل عبر الصحراء الملتهبة المتلظية، وما حل بصاحب الكوث من دمار

زبيدة ابنة الصائغ فتاة جميلة بارعة الحسن ساحرة اللفتات، تميس كالغصن الرطب في الروضة الفيحاء، وتبسم كالزهرة الناضرة في الخميلة الغناء. . . لم تكد تبلغ من العمر سنتها الثانية عشرة حتى حبسها أبوها في ظلام الخدر، وأسبل على بدرها السافر خمار الأسر، كما تعود الشرقيون أن يفعلوا ببناتهم إذا ما بلغن هذه السن المبكرة، التي تعد فيها الفتاة لزواج مبكر كذلك، بينما يكون بناتنا (في إنجلترا) يتلاعبن في الحدائق، ويتثقفن في المدارس، دون أن تبدو عليهن بداوات الأنوثة الفائرة الثائرة، التي هي أول إرهاصات الزواج

وكان جميع موسري المدينة ينتظرون اكتمال شباب الفتاة ليخطبوها من أبيها لأبناهم، وكان كل منهم حريصاً أشد الحرص على أن يفوز بها لأبنه دون جميع الناس. وكانت حمرة الخوخ التي تتأرج بالعطر من خديها، وتفتير النرجس الذي ينفث السحر من عينيها، ثم هذه القسمات التي تتحوى حول فمها الدقيق الرقيق. . . كان جميع ذلك مخلوقاً للحب، موقوفاً على الهوى، غير ميسر إلا لشباب غض مثله ريان كما إنه ريان

وتقدم الأباء إلى الصائغ يخطبون زبيدة، ولكن الصائغ كان يغلو في تقدير مهرها ليتخلص ممن لا يراه كفءاً لها، وطمعاً منه ألا يكون أحد قد قبض لأبنته مهراً أكثر من مهر زبيدة. ولم لا؟ أليست زبيدة أجمل فتيات المدينة وأرشقهن وأوفرهن فتنة وأخفهن روحاً؟ وهي مع ذاك كاتبة قارئة تحفظ قدراً غير قليل من آيات الله وحديث الرسول وقصائد الشعراء، ثم

<<  <  ج:
ص:  >  >>