للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سجون بغداد]

زمن العباسيين

للأستاذ صلاح الدين المنجد

- ٦ -

طرائف مختارة من أدب السجون

- ١ -

كتب يحيى بن خالد البرمكي إلى الرشيد من الحبس:

(. . . إلى أمير المؤمنين، من عبد أوبقته ذنوبه، وخذله شقيقه، ورفضه صديقه، وزال به الزمان، ونزل به الحدثان، وحلّ به البلاء بعد الرخاء، وافترش السخط بعد الرضا، واكتحل السهود، وفقد الهجود؛ ساعته شهر، وليلته دهر. قد عاين الموت، وشارف الفوْت: جزعاً يا أمير المؤمنين قدمني الله قبلك، من موجدتك، وأسفاً على ما حُرِمتُه من قربك. لا على شيء من المواهب؛ لأن الأهل والمال إنما كانا لك، وعارية في يدي منك. والعارية لابد مردودة. فأما ما اقتصصته من ولدي فبذنبه، وعاقبته بجرمه وجريرته على نفسه؛ فإنما كان عبداً من عبيدك لا أخاف عليك الخطأ في أمره. ولا أن تكون تجاوزت به فوق ما كان أهله، ولا كان مع ذلك بقاؤه أحب إلي من موافقتك. فتذكر يا أمير المؤمنين، جعلني الله فداك، وحجب عني فقدك، كبر سني، وضعف قوّتي، وارحم شيبي، وهب لي رضاك عني، ولتَمِل إلي بغفران ذنبي. فمن مثلي يا أمير المؤمنين الزلل، ومِن مثلك الإقالة. ولست أعتذر إليك إلا بما تحب الإقرار به حتى ترضى. فإذا رضيت رجوت أن يظهر لك من أمري، وبراءة ساحتي، ما لا يتعاظمك معه ما مننت به من رأفتك بي وعفوك عني، ورحمتك لي. زاد الله عمرك يا أمير المؤمنين، وقدّمني للموت قبلك:

قل للخليفة ذي الصنا ... ئع والعطايا الفاشيه

وابن الخلائف من قري ... ش والملوك الهاديه

ملك الملوك وخير مَنْ ... ساس الأمور الماضيه

إن البرامكة الذين ... رموا لديك بداهيه

<<  <  ج:
ص:  >  >>