تجري بين الحين والحين مناوشات أدباء الشباب وشيوخ الأدب، تتمثل في نقدات خفيفة من الشباب للشيوخ، قليلها في أعمال أدبية معينة، وأكثرها تفنيد لمسلك بعضهم في الإنتاج التافه المسف الذي يختلف عن سابق جدهم وإبداعهم، ولبعد أكثرهم عن ملابسة الحياة وواقع الناس فيما يكتبون، فهم - في رأي الشباب وبعض الشيوخ - إما هاذرون مسغون، أو معتصمون بالقباب الذهبية. . ولا أقول الأبراج العاجية.
وتتمثل تلك المناوشات أيضاً في حملات بعض الشيوخ على الشباب ورميهم بالقصور في التحصيل واستكمال الأداة، وأنهم يحاولون هدمهم، ويقولون إن عليهم أن يجدوا ويكدوا ليصلوا إلى ما يبتغون ويظفروا بما يأملون. وقد كتب الأستاذ المازني مرة يتساءل: هل يحفر الشيوخ قبورهم بأيديهم؟ ماذا يريد هؤلاء الشباب؟ وضرب مثلا للشباب ما بذله من جهود في التحصيل وما عاناه في مقتبل حياته الأدبية.
وأخيراً كتب الأستاذ توفيق الحكيم مقالا في (أخبار اليوم) بعنوان (آمال الجيل) أشهد أنه كان لبقاً فيه، إذ بث في أوله وفي وسطه روحا طيبا في معالجة العلاقة بين الجيلين. ومما قاله (ما الذي سيحدث في العشرة أو الخمسة عشر عاماً المقبلة؟ هل الأمل معقود على طائفة من الأدباء يمكن أن تبرز بنوبتها في الصف الأول، لتمضي في رفع مشعل الأدب والفكر في هذا البلد؟! أو أنه كما يقال ليس في الإمكان أبدع مما كان؟!) وقال: (ونحن إذا جلنا اليوم في حديقة الأدب المصري لوجدنا أشجارا مملوءة بعصير الحياة، مونعة بأزهار الفن. . لا ينقصها إلا أن ننظر إليها بعين الرضا، وأن تتخيل ما ستكون عليه غدا من سموق وارتفاع. .) ومضى يتساءل عن واجبهم نحو أعلام الغد ويعترف بانصرافهم عنهم إلى أن ختم المقال بقوله: (غير أن المشكلة التي تحيرنا دائماً هي: وسيلة المعونة!. . أهي في تجنيب الجيل الجديد أخطاءنا، أم هي في إشعاره بأخطائه؟ أهي في إعداده قبل الظهور، أم في إظهاره قبل الإعداد؟! ثم أولئك الذين قطعوا في فنهم شوطا وظهروا بعض الظهور، وبدت مواهبهم متألقة كقطع النور، أعلينا إزاءهم واجب؟ ما هو؟ وما السبيل إلى الوفاء به؟. . . إنا جميعاً لعلى استعداد أن نؤدي واجبنا ولن نحجم عنه أبداً، إذا عرفنا