للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

متى يعود بابا؟!

للأستاذ شاكر خصباك

وأخيراً تحققت أُمنيتي بالسكنى في ضاحية (مصر الجديدة). كنت قد زرتها مرة وأُعجبت بأبنيتها المتشابهة الطراز والألوان، وسحرت بشوارعها النظيفة الهادئة. وتلك صفات لا تتوفر في (باب اللوق) الذي أقطن فيه. قصدت إلى (مكتب السماسرة) وعرضت على الموظف المختص شروطي. نقر الموظف على المنضدة متأملاً، ودس قلم الرصاص في شعره يبعث به مفطراً، ثم رفع رأسه وقال متسائلاً: غرفة هادئة في (شقة) تسكنها أرملة قبطية توفي زوجها منذ شهراً مخلفاً بنتاً في السابعة من عمرها، والإيجار خمسة جنيهات شهرياً. . . أتعجبك؟!

- اتفقنا.

ونقلت متاعي إلى المنزل الجديد. وعلى بابه وقفت امرأة وطفلة المرأة في مقتبل العقد الثالث متوسطة القامة على شيء من البدانة. عيناها السوداوان جميلتان، وكذلك أنفها الأقنى الصغير، لكن فمها يميل إلى الاتساع، والطفلة جميلة مرحة ذات وجه بشوش وهيئة ضاحكة.

- سعيدة.

- سعيدة! أهلاً وسهلاً.

واجتزت الباب يتبعني الحمال. تلفت ورائي فرأيت الطفلة ترسل إلى نظرات فرحة. ابتسمت لها فقفزت نحوي وتعلقت بأذيال سترتي. ثم رفعت إلى وجهها الضاحك وهتفت جذلة:

- أنت طويل مثل بابا.

- صحيح؟!

وامتدت يدي إلى رأسها تلاطف شعرها في حنان. وفجأة انطلقت كالقذيفة. انحنيت على حقائبي أُفرغ محتوياتها في الصِّوان والمكتب.

- يا أستاذ. . . يا أستاذ. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>