للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من نقد النقد]

مسرحية الذباب لسارتر

للأستاذ يوسف الخطاب

لا أدري لماذا تحمست يوما لنقد ترجمة الدكتور القصاص لهذه المسرحية، ثم عدت فأحجمت عن نقدها، حتى قرأت كلمة عنها للدكتور شوقي ضيف، في مجلة الثقافة تحت باب النقد، ليس فيها من ورح النقد سوى عرض للمذهب الوجودي، لخصه عن مقدمة الترجمة، بدأه بسخرية من (اتحاد شركات سارتر وأصحابه) وكنا نظن أنه سيلتزم هذا الاتجاه، ويساهم في نقد الحركة الوجودية، ونقد المسرحية التي يعرض لها. ولكنه لم يخرج عن المقدمة التي كتبها المترجم، والتي لخص الدكتور القصاص في نصفها الأول كتاب سارتر الصغير: الوجودية هي الإنسانية دون أن يذكر اسم الكتاب الذي نقل عنه من باب تأكيد الوجود الذاتي على حساب صاحب المذهب نفسه.

ولقد تكلم الدكتور شوقي عن الخط الأول من خطوط الوجودية، فتناول الوجود وأننا نوجد أولا، ثم نصنع ماهيتنا حسب إرادتنا، لا حسب التأثيرات الطبيعية أو الاجتماعية. ثم تناول الخط الثاني، وهو خط الحرية، وكيف أن كلاً منا حر في تقرير مستقبله ومصيره ما دام كل يحيا كما يريد، مؤكداً إن الحياة ليس فيها جبر من بيئة أو تربية أو أشياء ماضية، ونفى كل التاريخ وقال أن الإنسان يسوي نفسه في الصورة التي تبتغيها مشيئته وإرادته، وأن هذا ليس وجوداً فردياً خالصاً، لأنه في وجوده الفردي يكتشف وجود الآخرين - وبذلك أكد الوجود الفردي الذي يريد الوجوديون نفيه.

وبعد هذا التلخيص الطويل الذي استغرق صفحة كاملة من صفحات المجلة، كنا ننتظر أنه لن يكتفي بالوقوف عنده، وأنه سيتناوله بالرفض أو التأييد، ويورد لنا أسباب هذا الرفض أو التأييد، فلم يفعل شيئاً من ذلك واتجه مباشرة إلى تلخيص المسرحية وإيراد نصوص منها تتضمن آراء وجودية أطلقها عل كل مسرحيات سارتر - وفي هذا تخلص عجيب من فكرة مسرحية (الذباب) نفسها، ولم يقل لنا لماذا أسماها سارتر (الذباب)، وأسماها صديقه الدكتور المترجم (الندم).

وأختم نقده بسطرين حكم فيهما على المسرحية من الوجهة الفنية قائلا (من يقرؤها يشعر

<<  <  ج:
ص:  >  >>