ولكن بعض الفقهاء يذهب إلى أن العلاقة بين الدائن والمدين تصطبغ بالصبغة (المادية البحته) حتى في دائرة المذهب الحنفي الذي يقول بحبس الدائن المدين مستنداً إلى أن هذا الحبس أن هو إلا وسيلة من وسائل الإكراه لجأ إليها المذهب الحنفي لإرغام المدين على أداء الدين من ذمته المالية بدليل أن هذا الحق لا يجوز استعماله إذا لم يكن المدين معسراً فالمفروض عند الحكم بالحبس أن للمدين مالا ولكنه متعنت في الدفع فيلجأ ألفقه الحنفي إلى قهر إرادته والتغلب على تعنته بالحبس حتى يضطر لأداء الدين
بعد أن أو جزنا موقف الفقه الإسلامي من طبيعة الالتزام يتضح لنا أن موقفه هو الاعتدال بين المذهبين الشخصي والمادي فقد غلبت عليه الصبغة المادية (أَي المذهب المادي) لأن الشريعة عرفت الالتزام بإرادة منفردة أي (الجعالة) في التعبير الفقهي الإسلامي. . وكذلك أجازت حوالة الحق، وحوالة الدين ولو من دون رضاء المحال عليه، كما أن الشريعة لم تهمل الصبغة الشخصية للالتزام لتكون ضماناً لحفظ حقوق الناس تجاه أولئك الذين يتخذون من مرونة المذهب المادي حجة يحجمون بها عن أداء الديون والامتناع عن إيفاء التزاماتهم فبهذا تتجلى لنا بوضوح عظمة التشريع الإسلامي واستيعابه لأحدث النظريات الفقهية. . حقاً (إنه تشريع أزلي سرمدي)