أتحفنا الأستاذ المازني منذ أيام بمقال ممتع (في الحب)، ثم أعقبه بمقال آخر تحدث فيه عن (الحب الأفلاطوني) و (الوفاء في الحب)
فقال عن الحب أنه (ضرب من الجوع، أو هو إذا شئت نوع من التنبيه تلجأ إليه الطبيعة لتغرينا بما يكفل المحافظة على النوع)
وقال عن الحب الأفلاطوني والوفاء: انهما لا يوجدان مع الصحة والسلامة، وإذا كان من الممكن أن يشبع الجائع بالنظر إلى الطعام في أطباقه على السفرة، فانه يكون من الممكن أيضاً إرضاء عاطفة الحب عند الرجل السليم المعافى بالنظر إلى المرأة والاستماع إلى حديثها، والتمتع بابتسامتها، ورشاقة وقفتها، وحسن جلستها؛ والذي يقنع من المرأة بذلك يكون أحوج إلى الطبيب المداوي منه إلى المرأة)
وقال الأستاذ عن الوفاء:(أما الوفاء فأكرم به وأنعم! ولكن أين في دنيانا من يصبر على طعام واحد وفي وسعه ألا يفعل؟ وإني أسأل القارئ وأعفيه من الجواب العلني: أي رجل لم ينقض عهداً بالوفاء؟. . . والمرأة كالرجل، وشأنها كشأنه، وكذاب من يقول - وكذابة من تدعي - غير ذلك، ولست أدعو إلى شيء. وحاشى أن أفعل، ولكني أصف واقعاً وأقر حقاً لا يكابر فيه إلا منافق يريد أن ينتحل فضلاً على حسابي وحساب الحقيقة)
وأورد الأستاذ في هذا المعنى بيتين من الشعر قالهما قبل أن يهجر القريض - مأسوفاً عليه من مقدري فضله:
يا عقيدي طامن الله حشاك ... لن تراني شاكياً وهي حبالك
أين من (طينتنا) أين الفكاك ... أنت إنسان على فرط جمالك
وإني مع فرط احترامي لآراء الأستاذ وإعجابي بها دائماً، بل وعلى الرغم من إعجابي بأفكاره هذه التي عرضها في مقالة الأخير، أقول إني أحسست بأني شخصياً قد سُببت. وكلما مر نظري على قوله:(كذاب من يقول، وكذابة من تدعي انتفضت وأحسست بالدم يصعد إلى رأسي شأن من يكون مقبلاً على شجار والعياذ بالله! وكلما أعدت البصر في قوله أنه (يقر حقاً لا يكابر فيه إلا منافق يريد أن يفعل كذا وينتحل كذا)، أحسست كأنما