[ذكريات الهوى]
للسيد جورج سلستي
يا نفسُ خلِّي ذكريات الهوى ... وانسي فكم أشقَتْكِ ذكرى الغَرامْ!
ذادتْ عن الأجفانِ طيبَ الكرى ... وحرمتْها من لذيذِ المنامْ
وسربلتْ جسمي بثوبِ الضنى ... وألبستْني حلَّةً من سقام
وأنزلتْ بي ذكرياتُ الهوى ... شتى الرزايا والخطوبَ الجِسام
كأنني أصبحت مُسْتودعاً ... للهمِّ والأحزان دون الأنام
لا تذكري يا نفسُ ما قد مضى ... واُسلي فقد يقضي عليكِ الحنينْ
وصلتِ أطرافَ الضحى بالدجى ... من وَلَهٍ حتى متى تسهرين؟
صدّعتِ بالآهاتِ هدَْء الدجى ... وشقَّ صمتَ الليل منكِ الأنين
ورحتِ لما اشتدَّ فيكِ الظما ... ترتشفين الدمعَ لا ترتوين
أصبحتِ بين الناسِ أُمثولةً ... وبتِّ فيهم عِبرةَ العاشقينْ
أَغرقتِ في التذكارِ يا مهجتي ... وشقوةُ الإنسانِ تذكارهُ
فَعَصَفَتْ بي عاصفاتُ الشقا ... وصوَّح اللذاتِ إعصارُهُ
وكلُّ منْ داوى الأسى بالأسى ... أربتْ وزادتْ فيه أكدارُهُ
وذكرياتُ الحبّ بحرٌ طما ... يجتاحُ نفسَ الصبِّ تيَّارُه
والحبّ نارٌ أُججتْ في الحشا ... وكم فتى أودتْ به نارُهُ
ربَّاهُ حظّي كالدجى فاحمٌ ... محلولكٌ ما فيه غيرُ السوادْ!
أنّى مشتْ منِّي الخطى لا أَرى ... على سبيلي غيرَ شوكِ القَتاَدْ
قد عِيلَ صبري يا إِلهَ السما ... وبلغَ السيلُ الزُبى والنجادْ
أَغلق كوى التذكار في خاطري ... وانزعْ شعوري واجعلنِّي جماد
إحساسيَ الجاني على عيشتي ... والشاعرُ الحسّاسُ أشقى العباد
جورج سلستي
-