سبقت الإشارة إلى عمل الضباط، وهو الآن رئيس الشرطة. أما مخبروه الذين لا تميزهم ميزة، فينتشرون في أحياء العاصمة ويختلطون بالناس في المقاهي وكلهم عيون وآذان - وأغلبهم لصوص عفي عنهم - وهم يرافقون الحرس في دورته الليلية خلال شوارع القاهرة. ولا يسمح لأحد غير العمى بالتجول في الخارج بلا مصباح أو أي نور بعد غروب الشمس بحوالي ساعة ونصف. وقلما ترى سائراً بعد ساعتين أو ثلاث. ولا يكاد الليل ينتصف حتى تمر في العاصمة جميعها فلا تقابل أكثر من عشرة أشخاص أو عشرين خلا المراقبين والحراس وبوابي الحارات والدروب. وعندما يمر عابر سبيل يناديه الحارس بالتركية:(من هذا؟) فيرد المار بالعربية: (ابن بلد!) والحارس الخاص كذلك يصيح: (وحد الله) أو (وحد) فقط! فيجيبه السائر: (لا إله إلا الله). ولا يختلف النصارى عن المسلمين في هذا القول، فهم يفهمون التوحيد فهماً مختلفاً. والمفروض أن اللص أو من يشرع في مخالفة القانون لا يجرؤ على النطق بهذه الكلمات. وبعض الأشخاص يجيبون الحارس بصوت مرتفع:(لا إله إلا الله محمد رسول الله). ويستخدم الحارس الخاص لحراسة الأسواق والأحياء ليلاً، وهم يحملون (نبوتاً) ولا يحملون مصباحاً
والعادة أن يتجول الضابط، أو أغا الشرطة، في شوارع القاهرة. ويرافقه غالباً السياف والشعلجي، أي حامل الشعلة المستعملة ألي الآن. وهذه الشعلة تشتعل حال إضرامها فلا يصعد لهبها إلا حين تحرك في الهواء، عندما تضرم فجأة في الخارج. وهكذا تؤدي عمل مصابيحنا المعتمة. وقد يوضع على الطرف المشتعل إناء صغير أو جرة أو يغطى بشيء