للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الَبريدُ الأدبيَ

في مجالس الأدب:

أن في مجلس الأدب جمعاً بين إشباع الوجدان، وإمتاع العقل، وإشعاع المواصلة الروحية التي تجمع وحدة الطبع، واتفاق المزاج، وتآلف الميل؛ ولقد تلمع الخواطر، فيبدو في لمعاتها ما يشرق بالمجلس الأدبي. ونعلم أن للرسالة الزهراء ندوة فيها نداء المعرفة، وندى الوفادة، وبالود منا أن يسجل بين الحين والحين ما يألق في جوانب الندى للقبس منه، والأخذ عنه، والمشاركة فيما يترامى إلى أهداف سامية لها وصلة في الحيلة، التي اصطرعت أهواؤها في مصارع المادة، وتنكب جادة المعاني الروحية. ولقد دعانا إلى تلك الإشارة ما عاودنا قراءته عن (المناظرات الأدبية) وما كان لها من شان، بعد أن حاورنا محاور عن الصيغ التي تفيد الصفة، ووثب إلى الذهن ما حققه المازني (النحوي) في حضرة المتوكل في قوله تعالى: (وما كانت أمك بغياً) بعد أن سئل: كيف حذفت التاء وبقى فعيل مع أنه فعيلاً إذا كأن بمعنى فاعل لحقته التاء كفتى وفتية؛ فكان حقها (بغية)؟ فأجاب: أن بغياً ليست بفعيل؛ وأنما هي فعول بمعنى فاعلة - يقصد أنها كصبور - فالأصل فيها (بغوي) وأجرى عليها تقعيد التصريف من قلب الواو ياء وإدغام الياء؛ فهي (بغي)، ووجب حذف التاء لأنها بمعنى باغية. على هذا الأسلوب أمكنه الإعلام والإفحام، وسجل تحقيقه مخلداً تتعاوره الأجيال، فلماذا لا تثبت مباحث الإثبات؟.

أن من حق الأدب على الهداة إنارة الطريق، وليست المباحث وحدها بكافية للاستنارة، فمجالس الأدب في محاوراتها، ومناظراتها، وطرائفها، وطرائقها ذات تشوق وتشويق!

ولقد أعجبنا من الأديب الموفق الأستاذ (العباس) عرضه قضية ذلك البطر البشم بغروره الذي أنتفخ أنفه باسترواحه رائحة (الأجنبي، وتكسر لسانه برطانة الصلف؛ فعاب على الشرق تربيته العالية، وتورط بعد أن (تبرنط) ثم خرج من لدن المجلس يدُّعه الخزي، ويخزيه العار. من هذه الإبانة وضحت ظاهرة المغالاة في تمجيد الغرب إلى درجة تجاهل الشرقية المشرقة من قوم يجب أن يشرقوا من ماء النيل!

أن رجوتنا تجاوز الإلحاف في وجوب العناية بمجالس الأدب التي ندرت في هذا الزمان الذي نثر الأوقات الرخيصة على كراسي المقاهي حيث إضاعتها بين قالة اللسان، ومطاولة

<<  <  ج:
ص:  >  >>