هل فقدنا وراء جرينا وراء الحقيقة حواس وغرائز زودنا بها الله؟
يصرح العلم بأننا أضعفنا كثيراً من غرائزنا أو على الأقل سيطرنا عليها فأصبحت لنا قوانين وتقاليد تحكم تصرفاتنا. ويرى خواص الحيوانات مميزات ليست في الإنسان. وعلى هدى هذه الغرائز يعيش الحيوان فيختار ما يفيده ويرفض ما يضره، ويتصرف بما يقي نوعه.
ومن التجارب التي أجريت أخيراً ما وفق إليه البروفيسور رشتار في أبحاث أجراها على الفيران لاختبار قدرتها الغريزية على اختيار الغذاء المفيد لها في الحالات المختلفة. فعمد إلى مجموعة من الفيران الكبيرة السن فأطلقها لتشرب كما تشاء من ماء نسبة الملح فيه ٣ % ثم أزال غددها التي تعلو الكلى فكانت النتيجة عجيبة إذ شربت الفيران كمية كبيرة من الماء المالح.
وأزال الغدد التي في العنق فازدادت شهية الفيران إلى المواد الجيرية وغيرها من المواد المعدنية. ثم قسم البروفيسور رشتات وجبات الطعام إلى أكوام نقية من النشويات والزلاليات والدهنيات والفيتامينات، وزن كل منها محدود. وأعد أيضاً أوعية بسوائل تحتوي الأملاح المختلفة والفيتامينات وزيت كبد الحوت وكل مادة أخرى يراد اختبارها، فاختارت الفيران وجبات الغذاء اللازمة لها كأن أخصائيا في التغذية أوصاها بتناولها.
وتناولها مبعضه مرة أخرى فأزال البنكرياس من كل منها فأصبحت معرضة للإصابة بمرض السكر، فامتنعت الفيران عن تناول أي غذاء فيه سكر أو نشاء، واستهلكت كميات كبيرة من الدهن تماماً كما يوصي الطبيب مريضه.
وهكذا كلما استأصل منها الطبيب عضواً عوضت الجرذان عمله باختيار الطعام الملائم لها أو امتنعت عن الأغذية التي تضرها.
وكانت في كل مرة تقدم للبروفيسور رشتار قائمة بالأغذية التي يجوز تناولها والتي لا يجوز.