فهل جرد الإنسان من مثل هذه الغريزة التي ترشده إلى الغذاء الصالح له؟ لقد عاش الإنسان ملايين السنين معتمداً على حاسة الذوق وحدها فلم يرشده طبيب ولا أخصائي عما يجوز تناوله من الأغذية وما لا يجوز.
إن تقدم العلم وحده حول من وسائلنا وطرقنا في الحياة فمنع وأجاز بناء على اختبارات ثابتة. ولكنه لم يقل كل كلماته، ولم يكشف عن كل أسراره. فمنذ مئات السنين عرف الإنسان أن التغذية ليست خبزا وإداما، بل هي ما في هذا الخبز والإدام من وحدات حرارية تحرك أجهزة الجسم فرأينا أنفسنا كغلايات وقودها الطعام.
واكتشفت الفيتامينات فعرفنا سراً آخر، وأدركنا أن الأجهزة الإنسانية لا تعمل بالوحدات الحرارية فحسب، بل إن نشاطها ومرضها يعتمدان إلى حد كبير على حيوية هذه المواد التي أطلقنا عليها الحروف الهجائية، فالاعتماد على اللحم وحده مع وفرة كمياته الحرارية لا يمنع الجسم من الانحلال إن لم تعضده مجموعة الفيتامينات.
فنقص الفيتامينات في الجسم يؤدي إلى عدة أمراض تبدأ من الالتهابات الجلدية فإن استمر نقصها أوصلت الإنسان إلى الموت، ولا عبرة في هذا بوفرة الوحدات الحرارية التي يحويها غذاء الإنسان في وجباته. على أنه من الثابت أيضاً أن كمية الوحدات الحرارية التي تنتجها المواد الغذائية ذات أثر كبير في نشاط الإنسان، فالعامل الذي يشتغل بعضلاته يحتاج إلى كميات طعام أكثر من الموظف الذي يؤدي الأعمال الكتابية.
وتقودنا أبحاث البروفيسور رشتار إلى نتيجتين: أولاهما أن يؤدي التوسع في أبحاثه إلى معرفة دقيقة لأنواع الأغذية الملائمة للأمراض المختلفة مما يساعد الطبيب والمريض على سهولة الشفاء أو توقي المرض.
والثانية هي حاسة التذوق، فإذا كانت الجرذان بفضل هذه الحاسة تجيد اختيار طعامها فكيف نصقلها في الإنسان، وما هي على التدقيق، فقد ثبت من هذه التجارب أن الجرذان تفضل الغذاء الطبيعي الغني بالوحدات الحرارية وبالفيتامينات وغيرها من المواد الضرورية للحياة. وهي بهذه الحاسة تدرك من مطالبها أكثر مما يدرك الإنسان.
لماذا لا تحترق الشمس؟
ولو كانت الشمس مجموعة عادية من الغازات المحترقة لزالت من عالم الوجود. ولو كانت