يعتبر مالثوس أشهر من كتب في مسألة السكان، إذ أثار الرأي العام في بلاده وفي البلاد الأخرى، كما نبه إلى ضرورة دراسة السكان، فهي أساس المشكلات الاجتماعية.
وقد ألقى مالتوس ضوءاً جديداً على مسألة السكان وقد أثار هذا جدلاً واختلافاً في الرأي. ولعل ما يعنينا في مصر هو معرفة الحد الذي تتحقق عنده آراء مالتوس في مشكلة السكان في مصر. وللوصول إلى ذلك يجمل بنا أن نعرض آراء مالثوس ونظريته في السكان، ثم نلخص النقط الأساسية في مشكلة السكان في مصر.
هنالك دوافع ثلاثة حفزت مالتوس إلى وضع كتابه المشهور: هي حياته وثقافته، والعصر الذي عاش فيه، ثم آراء معاصريه. فقد كان أبوه صديقاً لجان جاك رو سو، ونشأ في بيت تسوده المحافظة على التقاليد، لذلك كان لا يعتقد في إمكان إصلاح المجتمع عن طريق الثورة. وفي كمبردج جعلته حياته الدينية يؤمن بملازمة الألم للإنسان بسبب وجود الغريزة الجنسية وغريزة البحث عن الطعام.
وكان للعصر الذي عاش فيه أكبر الأثر في تكوين آرائه، ووضع نظريته؛ إذ كانت أوربا - في أواخر القرن الثامن عشر - في حالة سيئة نتيجة الثورة الفرنسية، وإنجلترا كانت تسودها أزمة اقتصادية واجتماعية، فقد ساء المحصول الاقتصادي في الريف. وكانت الصناعة تتقدم تدريجياً وزاد السكان تبعاً لذلك، وحالت الضرائب ورسوم الجمارك دون ازدياد موارد الغذاء. كما نتج عن الاختراعات لتحسين الآلات الاستغناء عن الكثير من العمال فانتشرت البطالة وعم البؤس مما أثقل كاهل الفقراء.
وكان من نتيجة كل ذلك ظهور آراء فوضوية بغية الإصلاح. وكان من زعماء الحركة الاشتراكية حينئذ: جودرين الذي كتب بحثاً في العدالة الاجتماعية، وكان يعتقد في طبيعة الخير التي تنطوي عليها البشرية؛ وكندرسيه وكان يرى إن الإنسانية تسير نحو الكمال في عشر مراحل وإنها كادت تبلغ ذروة الكمال في عهده.
إذن فالظروف التي سادت في عصره أوحت إليه بالتشاؤم فأراد أن يحذر مواطنيه من سوء