[ضجة الربيع]
للأستاذ عبد الرحمن الشرقاوي
(دقت نواقيس المساء حزينة تنعى النهار)
فجرى الأصيل مُروّع الخطوات مجنون القرار
وتركت والأفق الحزين يَلُفُّه طفَل الغبار
والوحدة الخرساء تسلمني لآلام ضوار
ونسيج أحلام تمزقه أعاصير أدِّ كار
وتراكضت قطع السحاب كسرب أوهام بديده
دكناء يطردها الظلام كبعض آمالي الشريده
وسمعت ريح الليل تحمل صوت أرجاء بعيده
لكأنما همساتها أصداء أيامي السعيدة
أمْ أن ريح الليل تحمل لي صبابات جديدة؟!
ولمحت صاحبي الحزينة كالنهار الغارب
وقفت مُرَنَّحة الخيال على الضياء الذاهب
عجفاء كالشجر المصوّح. . . كالمساء الشاحب
دَبّ المشيب بها. . . فلاذت بالشباب الهارب
كتألُّقِ الأفق الحزين بنور فجر كاذب
تجري. . . فيقعدها السعال. . . فتستريح إلى الدموع
وإذا انثنت طربا كسالف عهدها. . . لا تستطيع
الشهوة الحمقاء تشعلها. . . فيطفْئها الصقيع
لم تبق غير أواخر الخفقات في جَهَدِ الشموع
والشعرة البيضاء تنعب في بقيات الربيع!
وفجاءة ضج الفضاء وصاح في الدنيا نذير
واصطكت الريح الرخاء وثار في الحقل الغدير
وكأن في كبد السماء لواعجاً حرّى الزفير