ألف حضرة الأستاذ أحمد عزت عبد الكريم مدرس التاريخ الحديث المساعد بكلية الآداب كتاباً عن (تاريخ التعليم في عصر محمد علي). وقد درست هذا الكتاب أو بالأحرى هذا المجلد الضخم الذي تزيد صفحاته على ثمانمائة صفحة فوجدته درساً دقيقاً وإحاطة شاملة وبحثاً مستفيضاً لتاريخ التعليم في مصر في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وهي الحقبة الهامة التي شهدت تكون إمبراطورية محمد علي وتحول مصر إلى دولة عسكرية فتية آخذة بأسباب الحضارة الحديثة.
وقد نحا المؤلف نحو العلماء الباحثين في بحثه، فسرد الوقائع وأردفها برأيه الشخصي، وعلق على الحوادث بآرائه التي تدل على الفطنة ودقة الحكم والتمييز. وقد استند المؤلف في بحثه إلى مراجع كثيرة ما بين عربية وإفرنجية وتركية. كما استند إلى وثائق ومخطوطات بقسم المحفوظات التاريخية بديوان جلالة الملك.
ولسنا نستطيع في هذه العجالة أن نفيض في الحديث عن كل فصول هذا الكتاب الضخم، وحسب القارئ أن يرجع إلى الفهرس التحليلي الذي أورده المؤلف في صدر الكتاب.
قسم المؤلف فصول كتابه تقسيماً منطقياً إلى ستة كتب وثلاثة وعشرين فصلاً، فتكلم أولاً عن التعليم قبل محمد علي وهو التعليم الديني في الأزهر والكتاتيب والتربية التي كان يأخذ بها الأمراء مماليكهم، والتأثير الفكري الذي استحدثته الثورة الفرنسية في الثقافة المصرية. وانتقل المؤلف من هذا الفصل إلى فصل ألم فيه إلماماً عاماً بسياسة محمد علي في التعليم فعرض لنا فصولاً شائقة في جهود العاهل الكبير في إنشاء المدارس وبعث البعوث وترجمة الكتب ونشرها والأغراض التي كان يتوخاها من النهضة التعليمية. ثم عرض المؤلف مسائل هذه السياسة عرضاً تمهيدياً مبيناً ما بينها وبين وسائل التربية الفرنسية من شبه ومن خلاف، والأثر الغربي في النظام التعليمي الحديث في مصر. ثم أخذ المؤلف في