لقيني الأستاذ الأديب الشاعر محمد فهمي وقد قرأ مقالي الأخير في الرسالة بعنوان:(إلى النائمين في العالم الإسلامي) فقال في شيء غير قليل من الحدة والضيق: لمن تكتبون هذا الكلام؟ وما قيمة توجيهه إلى شعوب كاملة من الأميين الذين لا يقرءون ما تكتبون؛ والقلة القلية التي تقرأ لا تملك أن تصل بكتلة الشعوب، لأنها شعوب جاهلة لا تدري شيئا مما حولها، ولا تستطيع شيء حتى لو درت، لأن الحياة في هذا العصر تريد شعوباً متعلمة وإلا فالموت والذل للأميين. . .
واستمعت إلى ثورته. . إن فيها كثير من الحق. وإن كان لهذا الحق بقية هي التي أردت أن أعرضها للناقد الثائر، لولا أنه لم يمهلني. لقد ارتفع صوته بالسخط، وأنا لا أريد أن أسترسل في مناقشة الساخطين الثائرين!
نعم. نحن في حاجة إلى توجيه حملات ضخمة لنشر التعليم في العالم الإسلامي كله نشراً سريعاً في خطوات جازمة حازمة، لا تسير بخطوات السلحفاة، نحن في حاجة إلى توجيه هذه الحملات لا إلى اليمن مثلاً حيث يحارب التعليم كما تحارب المخدرات، أو أشد وأعنف، لأن المخدرات هناك لا تقاوم، ونبات (القات) المخدر يزرع في كل مكان، ولا تفكر الدولة في مقاومته كما تفكر في مقاومة التعليم، ولا تطارده كما تطارد المتعلمين!
ولا إلى الحجاز ونجد حيث لا تبلغ ميزانية التعليم كلها ربع ميزانية فرد؛ ولا ينفق عليه عشر ما ينفق على السيارات والكماليات والعطور.
ولا إلى بلاد الشمال الإفريقي حيث يقف الاستعمار سداً في وجه الثقافة، حتى لتعد الكتب والمجلات محظورات، تهرب داخل طرود سرية، خيفة أن تثير شبهات الجمارك والبريد!
نحن في حاجة إلى توجيه تلك الحملات لا لمثل هذه الأصقاع في العالم الإسلامي، بل إلى مصر التي تعد أكثر بلاد العالم الإسلامي تقدماً من هذه الناحية، إذا استثنينا لبنان، ونسبة التعليم فيها أكثر ارتفاعاً.
نعم في حاجة أن نوجه تلك الحملات إلى مصر التي تعطي وكلاء الوزارات والمديرين العامين بدل سيارات، يتراوح شهرياً بين ثلاثين وأربعين جنيهاً ثم تخفض ميزانية التعليم