للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إلى طلبة التوجيهية:]

٢ - شاعران في المنفى

للأستاذ أحمد محمد الحوفي

تمهيد - موضوعات القصيدتين - الصور والخيال - الأسلوب

- كلمة عامة. . . . . .

وفي كلتا القصيدتين فخر، ولكنه أيضاً صورة من نزوع الشاعر وميله، فالبارودي رجل الجيش والحرب يفتخر بشجاعته وبلائه في الحرب، ولم تزايله حماسته في منفاه، فسيفه هنالك صاحبه الوحيد، يحمله جسمه القوى الشديد، وهو سيف متعطش إلى الدم، حتى ليشرئب من الغمد إذا لمسه البارودي متلهفا إلى أن يضرب به. ويفخر بوفائه وأقدامه، وصواب رأيه إذا استبهم الصواب، وربما كان غرضه هنا تعزيز رأيه الذي أبداه قبل الثورة العرابية متخوفا من سوء عقباها، ويكرر الفخر بشجاعته وتقدير الأبطال له حتى ليفدونه بأنفسهم، وببلاغته وسحر شعره، ولكنه غالي في قيمة هذا الشعر إذ زعم إنه يضارع ابلغ شعر سابق، ويكبر أن يشبهه شعر لاحق، وجرته محاكاتة كأنه للقدماء إلى تقدير لذاذة شعره بأنها ألذ من الحداء، وختم الفخر بأنه قوال وفعال وغيره يقول ولا يفعل.

وفخره بنفسه وبشعره في مجال الشكوى تسرية عن نفسه من ناحية، ومحاكاة لآبي فراس الحمداني وهو أسير من ناحية. قال:

ولأصاحب غير الحسام منوطة ... حمائله منى على عاتق صلد

إذا حركته راحتى لملمة ... تطلع نحوي يشرئب من الغمد

سجية نفس لا تخون خليلها ... ولا تركب الأهوال إلا على عمد

وإني لمقدم على الهوى والردى ... بنفسي، وفي الأقدام بالنفس ما يرى

وأنى لقوال إذا التبس الهدى ... وجارت حلوم القوم عن سنن القصد

فان صلت فدانى الكمى بنفسه ... وإن قلت لباني الوليد من المهد

ولى كل ملساء المتون غريبة ... إذا أنشدت أفضت لذكر بنى سعد

أخف على الأسماع من نغم الحدا ... وألطف عند النفس من زمن الورد

<<  <  ج:
ص:  >  >>