كاريل فانه يحفظ أجزاء حية صغيرة مفصولة حديثا من أجسام الإنسان والحيوانات في سوائل مغذية مطهرة تجدد وتهوى باستمرار، فتستمر حية يستعين بها الجراحون في عمليات الترقيع وغيرها حتى انهم وصفوا الدكتور كاريل (بأنه تاجر أنسجة حية)، والأغرب من هذا إن تلك الأجزاء المحفوظة كثيرا ما تنوا وتتكاثر خلاياها بطريق الانقسام كما يظهر من فحصها تحت الميكروسكوب من حين إلى آخر بعد أن تكون قد فقدت تنوعها وعادت إلى شكل الخلايا الجنينية الأولى (الشكل البسيط الذي تكون عليه خلايا الجنين في أول أطوار تكوينه).
ويتصل بهذا الموضوع بحث على جانب كبير من الأهمية وهو إن تقسيم الكائنات الحية إلى حيوانات ونباتات، والى فروع وصفوف ومراتب وفصائل أو أفراد إنما هو تقسيم اصطناعي من وضع الإنسان، وانه ليس للفوارق التي تفصل في الظاهر بينها وجود مطلق حقيقي ثابت في المكان والزمان، فلا توجد في الحقيقة والواقع إلا المادة أو مجموعة المواد الزلالية المعقدة التركيب المسماة (بالحية) وهي صورة من صور المواد الكيميائية الأخرى ومشتقة منها - تشتق على الدوام تحت أعيننا وعلى مرأى منا من الجمادات، من الهواء والأرض بفعل طاقة إشعاع الشمس بواسطة الكلورفيل (المادة الخضراء النباتية). وقد ظهرت المواد المذكورة الموصوفة بالحية على الأرض منذ أن أصبحت هذه صالحة للحياة وستظل هكذا إلى أن تمسى غير صالحة لها، كل هذا بفعل العوامل الطبيعية. وكل ما في الأمر إن هذه المواد الحية الدائمة تبدو لنا في صور مختلفة اختلافا ظاهريا وقتيا كما تبدو الجمادات والمعادن في أشكال متنوعة يتحول بعضها إلى البعض وهي في مجموعها لا تفنى. على أن هذا موضوع عويص يضيق بنا المقام دون بسطه الآن.