للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأحياء الوحيدة الخلايا، خصوصا وان كل فريق من تلك الخلايا المجتمعة في الحيوانات والنباتات العليا تخصص في وظائف معينة من أعمال الحياة وتنوع في شكله ليلائم وظيفته كخلايا الأعصاب وخلايا العضلات وخلايا الغدد وخلايا الجلد وغيرها في الحيوانات، وكخلايا الأنسجة المختلفة في النباتات فصار غير صالح لأن يتلاقح مع غيره (وقد تخصصت فيها خلايا أعضاء التناسل للتلقيح لمصلحة مجموع الحيوان أو النبات وهي التي تضمن بقاء النوع وعدم تلاشيه - النوع فقط دون الأفراد).

فالموت يبدو لنا إنه نتيجة تطور الكائنات الحية من فالأحياء الأولية ذات الخلية الواحدة إلى الأحياء الأرقى مرتبة وهي المتعددة الخلايا فهو الفدية التي تدفعها ثمنها لذلك الارتقاء، ثمنا غاليا حقا.

وهذا ما يقوله أستاذي المأسوف عليه العالم الكبير داستر الذي كان أستاذ علم الفسيولوجيا في كلية العلوم بجامعة باريس (السوربون) وعضوا في المجمع العلمي (أكاديمي العلوم) وعضوا في أكاديمي الطب في كتابه الحياة والموت صحيفة ٢٢٧ وما بعدها.

. . . ومن هذا يتبين أن الخلود هو من خواص الكائنات ذات الخلية الواحدة التي تتناسل بطريق الانقسام النصفي، وإنما لوحظ إن هذه الكائنات هي أول ما طهر من الأحياء على الأرض وإنها سبقت بزمن طويل الحيوانات والنباتات الأخرى المتعددة الخلايا فتكون النتيجة المنطقية البديهة إن الحياة ظلت مدة طويلة على الأرض دون الموت، وان الموت طرأ بعد ذلك نتيجة تطور الأحياء وتحولها من ذات الخلية الواحدة إلى المتعددات الخلايا.

ومما يؤكد هذا - أي عدم ضرورة الموت - التجارب القديمة المعروفة التي قام بها بعض من البيولوجيين على كثير من أنواع الديدان والحيوانات الجوفاء كأخطبوط الماء العذب بل وعلى حيوانات أعلى مرتبة، بتقطيعها قطعا تنو كل قطعة منها وتصبح فردا جديدا كاملا يحيا حياة مستقلة، وهكذا يصنعون من الحيوان الواحد عدة حيوانات، ويكررون ذلك في الأفراد الجديدة وهلم جرا. ويمكن مواصلة هذا العمل إلى ما لا نهاية له دون أن يتطرق الموت إلى تلك الأفراد ما داموا يقطعونها وهي فتية، وهذه العملية معروفة ومألوفة في النباتات.

ويؤيد هذه أيضاً التجارب والأبحاث العظيمة الشان التي يقوم بها منذ سنين عديدة الدكتور

<<  <  ج:
ص:  >  >>