للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وراء الطبيعة فقد استعاض عنه البيولوجيون (علماء الحياة) وفي مقدمتهم جاك لوب ببعض مؤثرات طبيعية أو كيميائية على الأرفاد العاجزة عن الانقسام فيفصلون فردا واحدا منها في قليل من الماء ويضيفون إليه قليلا من بعض الأحماض أو القلويات الخفيفة أو يسلطون عليه تيارا كهربائيا ضعيفا أو يرجونه داخل أنبوبة صغيرة فيأخذ هذا الفرد الهرم في الانقسام من تلقاء نفسه كما يحدث عقب اتصاله بفرد آخر مماثل له وتلقيح الواحد مهما الآخر على الوجه المتقدم بيانه.

ويظهر إن فعل التلقيح الطبيعي وفعل هذه المؤثرات الاصطناعية إنما هو تنشيط تصريف تلك الإفرازات السامة المتراكمة داخل أجسام الأفراد التي شاخت وصارت عاجزة عن الانقسام أو أحداث تفاعلات كيميائية من شانها إزالة تلك السموم الإفرازية ومحو أثرها.

وخلاصة القول أن الحيوانات والنباتات الأولية ذات الخلية الواحدة هي كائنات حية لا تموت ولا ينعدم منها شيء، فمتى وصل الفرد منها إلى تمام نموه ينقسم إلى قسمين مستقلين يصبح كل منهما فردا جديدا ينمو ثم ينقسم بدوره إلى أفراد جديدة، وهكذا إلى ما لا نهاية له دون أن يموت أو يتلاشى شيء منها إلا بحادث مهلك كما تقدم في ذلك القول. فهي أحياء خالدة بالمعنى الحقيقي ويمكن القول أن أفرادها التي تعيش الآن هي هي التي نشأت منذ نحو مائة مليون سنة عند ظهور الحياة على الأرض وما زالت حية تنقسم منذ ذلك الماضي البعيد المتغلغل في القدم إلى اليوم وإن كان قد طرأ عليها أثناء ذلك بعض التغير في أشكالها بفعل العوامل الطبيعية جربا على نواميس التطور والتحول. وإذا لوحظ إن هذه الكائنات الأولية ذات الخلية الواحدة هي أول ما ظهر على الأرض وانه مضت مئات الألوف أو الملايين من السنين قبل أن يتحول فريق منها إلى الحيوانات والنباتات المتعددة الخلايا - إذا لوحظ هذا يمكن القول أن الموت ليس نتيجة لازمة للحياة وأنه مرت على الأرض فترة طويلة من الزمن تنعم فيها الأحياء بالخلود، وإنما طرأ الموت على الكائنات الحية في طور من تطوراتها في الوقت الذي أخذت فيه الأحياء ذات الخلية الواحدة تعيش جماعة متلاصقة لأسباب طبيعية محلية دعت إليها الظروف المستجدة، ذلك لأن خلايا هذه الأحياء المتعددة - المتعددة الخلايا - ثابتة في مكانها في الأنسجة المختلفة، ولا تستطيع (أي الخلايا) أن تنتقل لتلتقي بالخلايا الأخرى حتى تتلاقح وتتقى الشيخوخة على ما تفعل

<<  <  ج:
ص:  >  >>